الإِحْصانُ الإِحْلالَ؛ لأَنَّ اعْتِبارَ الوَطْءِ في حَقِّ المُطَلِّقِ، يَحْتَمِلُ أن يكونَ عُقُوبَةً له، بتَحْرِيمِها عليه حتى يَطَأَها غيرُه، لأَنَّ هذا ممّا تَأْباه الطِّباعُ ويَشُقُّ على النُّفُوسِ، فاعْتَبَرَه الشارِعُ زَجْرًا عن الطَّلاقِ الثَّلاثِ، وهذا يَسْتَوِى فيه العاقِلُ والمجْنونُ، بخِلافِ الإِحْصانِ، فإنَّه اعْتُبِرَ لكَمالِ النِّعْمَةِ، فإنَّ مَن كَمَلَتِ النِّعْمَةُ في حَقِّه، كانت جِنايتُه أفْحَشَ وأحَقَّ بزيادَةِ العُقُوبةِ، والنِّعْمَةُ في العاقِلِ البالِغِ أكمَلُ. الشَّرْطُ السابعُ، أن يُوجَدَ الكَمالُ فيهما جميعًا حالَ الوَطْءِ، فيَطَأُ الرجلُ العاقِلُ الحُرُّ امرأةً عاقِلةً حُرَّةً. وهذا قولُ أبى حنيفةَ وأصحابِه. ونحوُه قولُ عَطاءٍ، والحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، والنَّخَعِىِّ، وقَتادَةَ، والثَّوْرِىِّ، وإسْحاق. قالُوه في الرَّقيقِ. وقال مالكٌ: إذا كان أحدُهما كامِلًا صار مُحْصَنًا، إلَّا الصَّبِىَّ إذا وَطِئَ الكبيرةَ، لم يُحْصِنْها. ونحوُه عن الأوْزَاعِىِّ. واخْتُلِفَ عن الشافعىِّ، فقِيلَ: له قَوْلان؛ أحدُهما، كقَوْلِنا. والثانى، أنَّ الكامِلَ يَصِيرُ مُحْصَنًا. وهو قولُ ابنِ المُنْذِرِ. وذَكَرَ ابنُ أبى موسى نحوَ ذلك في «الإِرْشَادِ» فقال: إذا وَطِئَ الحُرُّ البالغُ حُرَّةً صغيرةً في نِكاحٍ صحيحٍ، صار مُحْصَنًا دُونَها، وإذا وَطِئَ الصَّبِىُّ الحُرُّ الصَّغيرُ الكبيرةَ، صارَتْ مُحْصَنَةً دُونَه، كما أنَّه لا (١) يجبُ على الصَّغيرِ الحَدُّ، ويجبُ على الكبيرِ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ لم يُحْصِنْ أحَدَ المُتَواطِئَيْن، فلم يُحْصنِ الآخَرَ، كالتَّسَرِّى، ولأنَّه متى