للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

راجَعَها، فلمَّا تَبَيَّنَ له أنَّ ذلك حكمُ اللَّهِ تعالى عليهم، أقامَه فيهم، وفيها أنزلَ اللَّهُ سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} (١). قلنا: إنَّما حَكَم عليهم بما أنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليه، بدليلِ قولِه تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (٢). ولأنَّه لا يَسُوغُ للنبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الحُكْمُ بغيرِ شَرِيعَتِه، ولو ساغ ذلك له ساغ لغيرِه، وإنَّما راجَعَ التَّوْراةَ لتَعْرِيفِهم أنَّ حُكْمَ التَّوْراةِ مُوافِقٌ لِما يَحْكُمُ به عليهم، وأنَّهم تارِكُونَ شَرِيعَتَهم، مُخالِفُون لحُكْمِهِم. ثم هذا حُجَّةٌ لنا، فإنَّ حكمَ اللَّهِ في وُجوبِ الرَّجْمِ إن كان ثابتًا في حَقِّهم يجبُ أن يُحْكَمَ به عليهم، فقد ثَبَت وُجودُ الإِحْصانِ فيهم، فإنَّه لا مَعْنى له سِوَى وُجوبِ الرَّجْمِ على مَن زَنَى منهم بعدَ وُجودِ شُروطِ الإحْصانِ فيه، وإن مَنَعُوا ثُبوت الحكمِ في حَقِّهم، [فَلِمَ حَكَم] (٣) به النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ولا يَصِحُّ القِياسُ على إحْصانِ القَذْفِ؛ لأَنَّ مِن شَرْطِه العِفَّةَ، وليست شَرْطًا ههُنا.


(١) سورة المائدة ٤٤.
(٢) سورة المائدة ٤٨.
(٣) في الأصل: «فحكم».