للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عاقِلٍ، فيكونُ ذلك شُبْهَةً في دَرْء ما يَنْدِرئُ بالشُّبُهاتِ، ولأَنَّ طَلاقَه لا يَقَعُ في رِوايَةٍ، فأشْبَهَ النائِمَ. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأَنَّ إسْقاطَ الحَدِّ عنه يُفْضِى إلى أنَّ مَن أرادَ فِعْلَ هذه المُحَرَّماتِ، شَرِبَ الخمرَ، وفَعَل ما أحَبَّ، فلا يَلْزَمُه شئٌ، ولأَنَّ السُّكْرَ (١) مَظِنَّةٌ لفِعْلِ المحارِمِ، وسَبَبٌ إليه، فقد تَسَبَّبَ إلى فِعْلِها حالَ صَحْوِه. فأمَّا إن أقَرَّ بالزِّنَى وهو سَكْرِانُ، لم يُعْتَبَرْ إقْرارُه؛ لأنَّه لا يَدْرِى ما يقولُ، ولا يَدُلُّ قولُه على صِحَّةِ خبَرِه، فأشْبَهَ قولَ النَّائِمِ والمجْنونِ. وقد روَى بُرَيْدَةُ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَنْكَهَ ماعِزًا. رَواه أبو داودَ (٢). وإنَّما فعلَ ذلك، ليَعْلَمَ هل هو سَكْرانُ أَوْ لا، ولو كان السَّكْرانُ مَقْبُولَ الإِقْرارِ، لَما احْتِيجَ إلى تَعَرُّفِ بَرَاءَتِه منه.

فصل: وأمَّا الأخْرَسُ؛ فإن لم تُفْهَمْ إشارَتُه، فلا يُتَصَوَّرُ منه إقْرارٌ، وإن فُهِمَتْ إشارَتُه، فقالَ القاضى: عليه الحَدُّ. وهو قولُ الشافعىِّ، وابنِ القاسمِ [صاحِبِ مالِكٍ، وأبى ثَوْرٍ] (٣)؛ وابنِ المُنْذِرِ؛ لأَنَّ مَن صَحَّ إقْرارُه بغيرِ الزِّنَى، صَحَّ إقْرارُه به، كالنَّاطِقِ. وقال أصحابُ أبى


(١) في الأصل: «السكران».
(٢) في: باب رجم ماعز بن مالكٌ، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٦٠.
كما أخرجه مسلم مطولا، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٢. وعنده: فقام رجل فاستنكهه.
(٣) سقط من: الأصل.