للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، وأصحابِ الرَّأْى؛ لِما رَوَينا في قِصَّةِ ماعِزٍ، أنَّه لمَّا أقَرَّ عندَ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالزِّنَى، فقال: «أَنِكْتَهَا؟». فقال: نعم. قال: «حَتَّى غَابَ ذَاكَ مِنْكَ فِى ذَاكَ مِنْهَا، كما يَغِيبُ المِرْوَدُ في المُكْحُلَةِ، والرِّشَاءُ فِى البِئْرِ؟». قال: نعم (١). وإذا اعْتُبِرَ التَّصرِيحُ في الإِقْرارِ، كان اعْتِبارُه في الشَّهادة أوْلَى. وروَى أبو داودَ (٢) بإسْنادِه، عن جابرٍ، قال: جاءتِ اليهودُ برجُلٍ منهم وامرأةٍ زَنَيَا، فقال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «ائْتُونِى بأعْلَمٍ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ». فأتَوْه بابْنَى صُوريا، فنَشَدَهما: «كَيْفَ تَجِدَانِ أمْرَ هذيْنِ فِى التَّوْرَاةِ؟». [قالوا: نَجِدُ في التوراةِ] (٣) إذا شَهِدَ أرْبعةٌ أنَّهم رَاوا ذَكَرَه في فَرْجِها، مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، رُجِما. قال: «فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟» قالا: ذهَبَ سُلْطَانُنا، وكَرِهْنا القتْلَ. فدَعا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشُّهودِ، فجاءَ أربعة، فشَهِدُوا أنَّهم رَأَوْا ذَكَرَه في فَرْجِها مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، فأمَرَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- برَجْمِهِما. ولأنَّهم إذا لم يَصِفُوا الزِّنَى، احْتَملَ أن يكونَ المَشْهُودُ به لا يُوجِبُ الحَدَّ فاعْتُبرَ كَشْفُه. قال بعضُ أهلِ العلمِ: يجوزُ للشُّهودِ أن يَنْظُرُوا إلى ذلك منهما، لإِقامةِ الشَّهادَةِ عليهما ليَحصُلَ الرَّدْعُ بالحَدِّ، فإن شَهِدُوا أنَّهم رَأَوْا ذَكَرَه قد غَيَبّهَ في فَرْجِها كَفَى، والتَّشْبِيهُ تَأْكيدٌ.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٠٦.
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب في رجم اليهوديين، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٦٦.
(٣) في م: «قالا».