كتاب الشرح الكبير على المقنع - ت التركي

باب حد الزنى - ٤٤٢٠ - مسألة: ومتى رجع المقر بالحد عن إقراره قبل منه، وقد ذكرنا الخلاف فيه - ج: 26 - ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ} (١). ولأَنَّ كلَّ شهادةٍ مَقْبولةٌ إذا اتَّفَقَتْ، مَقْبُولةٌ إذا افْتَرَقَتْ في مَجالِسَ، كسائرِ الشَّهاداتِ. ولَنا، أنَّ أبا بَكْرَةَ، ونافِعًا، وشِبْلَ (٢) ابنَ مَعْبدٍ، شَهِدُوا عندَ عمرَ، على المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ بالزِّنَى، ولم يَشهَدْ زِيادٌ، فحَدَّ الثلاثةَ (٣). ولو كان المجلسُ غيرَ مُشْتَرَطٍ، لم يَجُزْ أن فحَدَّهم، لِجوازِ أن يَكْمُلُوا برابع في مجلس آخَرَ، ولأنَّه لو شَهِد ثلاثةٌ، فحَدَّهم، ثم جاءَ رابعٌ فشَهِدَ، لمِ تُقْبَلْ شَهادَتُه، ولولا اشْتراطُ المجلسِ، لَكَمَلَتْ شَهادَتُهم. وبهذا فارَق سائِرَ الشَّهاداتِ. وأمَّا الآيةُ فإنَّها لم تَتَعَرَّضْ للشُّروطِ، ولهذا لم تَذْكُرِ (٤) العَدالَةَ، وصِفَةَ الزِّنى، ولأَنَّ قَوْلَه: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} (٥). لا يَخْلُو مِن أن يكونَ مُطْلَقًا في الزَّمانِ كلِّه، أو مُقَيَّدًا، لا يجوزُ أن يكونَ مُطْلقًا، لأنَّه يَمْنَعُ مِن جَوازِ جَلْدِهم، لأنَّه ما مِن زَمَن إلَّا (٦) يجوزُ أن يَأْتِىَ فيه بأَرْبَعةِ شُهداءَ، أو بكَمالِهم إن كان قد شَهِد بعضُهم، فيَمْتَنِعُ جَلْدُهم المأمورُ به، فيكونُ

---

(١) سورة النساء ١٥.
(٢) في م: «سهل».
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب الرجل يقذف الرجل. . .، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٣٥. والبيهقى، في: باب شهود الزنى إذا لم يكملوا أربعة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٣٤، ٢٣٥. وصححه في الإرواء ٨/ ٢٨ - ٣٠.
(٤) في م: «يذكروا».
(٥) سورة النور ٤.
(٦) في الأصل: «لا».