للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وصاحِباه، وابنُ أبى لَيْلَى، وإسْحاقُ. وعنه رِوايةٌ ثانيةٌ، أنَّه يُحَدُّ لكلِّ واحدٍ حَدًّا كاملًا. وبه قال الحسنُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وللشافعىِّ قولان كالرِّوايَتَيْن. ووَجْهُ هذا أنَّه قَذَف كلَّ واحدٍ منهم، فلَزِمَه له حَدٌّ كاملٌ، كما لو قَذَفَهم بكَلِماتٍ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (١). لم يُفَرِّقْ بينَ قَذْفِ واحدٍ أو جماعةٍ، ولأَنَّ الذين شَهِدُوا على المُغِيرَةِ قَذَفُوا امرأةً، فلم يَحُدَّهم عمرُ إلَّا حَدًّا واحدًا (٢). ولأنَّه قَذْفٌ واحدٌ، فلم يَجِبْ إلَّا حَدٌّ واحدٌ، كما لو قَذَف واحِدًا، ولأَنَّ الحَدَّ إنَّما وَجَب بإدْخالِ المَعَرَّةِ على المَقْذُوفِ بقَذْفِه، وبحَدٍّ واحدٍ يَظْهَرُ كَذِبُ هذا القاذِفِ، وتَزُولُ المَعَرَّةُ، فوَجَبَ أن يُكْتَفَى به، بخِلافِ ما إذا قَذَف كلَّ واحدٍ قَذْفًا مُفْرَدًا، فإنَّ كَذِبَه في قَذْفٍ لا يَلْزَمُ منه كَذِبُه في الآخَرٍ، ولا تَزُولُ المَعَرَّةُ عن أحَدِ المَقْذُوفَيْن بحَدِّه للآخرِ. إذا ثَبَت هذا، فإنهم إن طَلبوا جُمْلَةً، حُدَّ لهم، وإن طَلَبَه واحِدٌ، أُقِيمَ الحَدُّ؛ لأَنَّ الحَقَّ ثابِتٌ لهم على سَبِيلِ البَدَلِ، فأيُّهم طالَبَ به اسْتَوْفَى وسَقَط، فلم يَكُنْ لغيرِه الطلبُ به، كحَقِّ المرأةِ على أوْلِيَائِها في تَزْويجِها، إذا قام به واحدٌ سَقَط عن الباقِينَ. وإن أسْقَطَه أحَدُهم، فلغَيرِه المُطالَبَةُ به واسْتِيفاؤه؛ لأَنَّ


(١) سورة النور ٤.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٣٢٠.