للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال: حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ. وعن أبى طَلْحَةَ، أنَّه سألَ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أيْتامٍ وَرِثُوا خَمْرًا؟ فقال: «اهرِقْهَا». قال: أفَلا أُحَلِّلُها؟ قال: «لَا». رَواه أبو داودَ (١). وهذا نَهْىٌ يَقْتَضِى التَّحْرِيمَ، ولو كان إلى اسْتِصْلاحِها سَبِيلٌ، لم تَجُزْ إراقتُها، بل أرْشَدَهم إليه (٢)، سِيّما وهى لأيْتامٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيطُ في أمْوالِهم، ولأنَّه إجْماعُ الصَّحابةِ، فرُوِىَ أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، صَعِدَ المِنْبَرَ، فقال: لا يَحِلُّ خَلُّ خَمْرٍ أُفْسِدَت، حتَّى يكونَ اللَّهُ تعالى هو الَّذى تَوَلَّى إفْسادَها، ولا بَأْسَ على مسلمٍ ابْتاعَ مِن أَهْلِ الكتابِ خَلًّا، ما لم يَتَعَمَّدْ إفسادَها. رواه أبو عُبَيْدٍ في «الأَمْوالِ» بنَحْوٍ من هذا المعنى (٣). وهذا قولٌ يَشْتَهِرُ؛ لأنَّه خَطَب به النَّاسَ على المِنْبَرِ، فلم يُنْكَرْ. فأمَّا إذا انْقَلَبَتْ بنَفْسِها، فإنَّها تَطْهُرُ وتَحِلُّ، في قولِ جميعِهم، فقد رُوِى عن جماعةٍ من الأوائِلِ، أنَّهمِ اصْطَبَغُوا بخَلِّ خمرٍ؛ منهم علىٌّ، وأبو الدَّرْدَاء. ورَخَّصَ فيه الحسنُ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ. وليس في شئٍ من أخْبارِهم أنَّهَم اتَّخَذُوه خَلًّا، [ولا أنَّه] (٤) انْقَلَبَ بنَفْسِه، لكنْ قد بَيَنّهَ عمرُ بقولِه: لا يَحِلُّ خَلُّ خمرٍ افْسِدَتْ، حتَّى يكونَ اللَّهُ تعالى هو الَّذى يَتَوَلَّى إفْسادَها. ولأنَّها إذا انْقَلَبَتْ بنَفْسِها، فقد زالَتْ عِلَّةُ


(١) في: باب ما جاء في الخمر تخلل، من كتاب الأشربة. سنن أبى داود ٢/ ٢٩٢، ٢٩٣.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ١١٩، ١٨٠، ٢٦٠.
(٢) في الأصل: «. . . إلى إصلاحها».
(٣) في: باب ما يجوز لأهل الذمة أن يحدثوا. . .، من كتاب فتوح الأرضين صلحا وسننها وأحكامها. الأموال ١٠٤.
(٤) في م: «ولأنه».