فلم يُسْتَوْفَ مِن غيرِ حُضورِ مُطالِبٍ به، والزنَى حَقٌّ للَّهِ تعالى مَحْضٌ، فلم يَفْتَقِرْ إلى طَلَبٍ به. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ وَكِيلَ الغائبِ يقومُ مَقامَه في الطَّلَبِ. وقال القاضى: إذا أقَرَّ بسَرِقَةِ مالِ غائب، حُبسَ حتى يَحْضُرَ الغائِبُ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ قد أباحَه، ولو أقَرَّ بحَقٍّ مُطْلَقٍ لغائبٍ لم يُحْبَسْ؛ لأنَّه لا حَقَّ عليه لغيرِ الغائبِ ولم يأمُرْ بحَبْسِه، فلم يُحْبَسْ. وفى مسألتِنا تَعَلَّقَ به حَقُّ اللَّهِ تعالى، وحَقُّ الآدَمِىِّ، فحُبِسَ؛ لِما عليه مِن حَقِّ اللَّهِ تعالى، فإن كانتِ العَيْنُ في يدِه، أخَذَها الحاكمُ، وحَفِظَها للغائبِ، وإن لم يَكُنْ في يدِه شئٌ، فإذا جاء الغائِبُ كان الخَصْمَ فيها.
فصل: ولو أقَرَّ بسَرِقَةٍ لرجلٍ، فقال المالكُ: لم تَسْرِقْ مِنِّى، ولكنْ غَصَبْتَنِى. أو: كان لى قِبَلَك وَدِيعَةٌ فجَحَدْتَنِى. لم يُقْطَعْ؛ لأَنَّ إقْرارَه لم يُوافِقْ دَعْوَى المُدَّعِى. وبهذا قال أبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى. وإن أقَرَّ أنَّه سَرَق نِصابًا مِن رجلَيْن، فصَدَّقَه أحدُهما دُونَ الآخَرِ، أو قال الآخرُ: بل غَصَبْتَنِيه أو جَحَدْتَنِيه. لم يُقْطَعْ. وبه قال أصحابُ الرَّأْى. وقال أبو ثَوْرٍ: يُقْطَعُ. ولَنا، أنَّه لم يُوافِقْ على سَرِقَةِ نِصابٍ، فلم يُقْطَعْ،