للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال للحسنِ: إنْ بَرِئْتُ رَأَيتُ رَأْييِ، وإنْ مِتُّ فَلا تُمَثِّلُوا به (١). فلم يُثْبِتْ لفِعْلِه حُكمَ البُغاةِ. ولأنَّنا لو أثْبَتْنا للعَدَدِ اليَسِيرِ حُكْمَ البُغاةِ، في سُقُوطِ ضَمانِ ما أتْلَفُوه، أفْضَى إلى إتْلافِ أمْوالِ النَّاسِ. وقال أبو بكرٍ: لا فَرْقَ بينَ الكثيرِ والقليلِ، وحُكْمُهم حُكْمُ البُغاةِ إذا خَرَجُوا عن قَبْضَةِ الإِمامِ. الثالثُ، الخوارجُ الذين يُكَفِّرُونَ بالذَّنْبِ، ويُكَفِّرُونَ عليًّا وعُثمانَ وطَلْحَةَ والزُّبَيرَ، وكثيرًا من الصحابةِ، ويَسْتَحِلُّونَ دِماءَ المسلِمينَ، وأمْوالهُم، إلَّا مَن خَرَج معهم، فظاهِر قولِ الفُقَهاءِ المُتَأخِّرينَ من أصحابِنا، أنَّهم بُغَاةٌ، لهم حُكْمُهُم. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وجُمْهورِ الفُقَهاءِ، وكثيرٍ من أهلِ الحديثِ. وأمَّا مالكٌ فيَرَى اسْتِتَابَتَهُم، فإن تابُوا، وإلَّا قُتِلُوا على إفْسادِهم، لا على كُفْرِهم. وذَهَبَتْ طائِفَةٌ من أهلِ الحديثِ إلى أنَّهم كفَّارٌ مُرْتَدُّونَ، حُكْمُهم حُكْمُ المُرْتَدِّينَ، تُباحُ دِماوهم وأمْوالُهم، فإن تَحَيَّزُوا في مكانٍ، وكانتْ لهم مَنَعَةٌ وشَوْكَةٌ، صارُوا أهْلَ حَرْبٍ، كسائرِ الكُفَّارِ، وإن كانوا في قَبْضَةِ الإِمامِ،


(١) رواه ابن سعد بمعناه في: الطبقات الكبرى ٣/ ٣٥، ٣٧.