للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وليس على أهلِ البَغْي أيضًا ضَمانُ ما أتْلَفُوه حال الحربِ؛ مِن نفس ولا مالٍ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، في أحدِ قَوْلَيه. وعن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، رِوايَة ثانيةٌ، أنَّهم يَضْمَنونَ، وهو القولُ الثاني للشافعيِّ؛ لقولِ أبي بكرٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، لأهْلِ الرِّدَّةِ: تَدُونَ قَتْلَانا، ولا نَدِي قَتْلاكُم (١). ولأنَّها نفوسٌ وأمْوالٌ مَعْصُومةٌ، أُتْلِفَتْ بغيرِ حَقٍّ ولا ضَرورةِ دَفْعِ مُباحٍ، فوَجَبَ ضَمانُه، كالذي تَلِف في غيرِ حالِ الحربِ. ولَنا، ما روَى الزُّهْرِيُّ، أنَّه قال: كانتِ الفِتْنَةُ العُظْمَى بينَ النَّاسِ، وفيهم البَدْرِيُّونَ، فأجْمَعُوا على أنَّ لا يُقامَ حَدٌّ على رجل ارْتَكَبَ فَرْجًا حَرامًا بتَأْويلِ القُرْآنِ، ولا يَغْرَمَ (٢) مالًا أتْلَفَه بتَأْويلِ القُرْآنِ (٣). ولأنَّها طائفةٌ مُمْتَنِعَةٌ بالحربِ، بتَأْويل سائغٍ، فلم تَضْمَنْ ما أتْلَفَتْ على الأخْرَى، كأهْلِ العَدْلِ، ولأنَّ تضْمِينَهم يُفْضِي إلى (٤) تَنْفِيرِهم عن الرُّجوعِ إلى الطَّاعةِ، فلا يُشْرَعُ، كتَضْمِينِ أهلِ الحربِ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يسلم ثم يرتد. . . .، من كتاب الجهاد. المصنف ١٢/ ٢٦٤. والبيهقي، في: باب من قال: يتبعون بالدم، من كتاب قتال أهل البغي، وفي: باب قتال أهل الردة وما أصيب في أيديهم من متاع المسلمين، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى ٨/ ١٨٣، ١٨٤، ٣٣٥. وانظر تلخيص الحبير ٤/ ٤٧.
(٢) في م: «يلزم».
(٣) أخرجه البيهقي، في: باب من قال: لا تباعة في الجراح والدماء. . . .، من كتاب قتال أهل البغي. السنن الكبرى ٨/ ١٧٤، ١٧٥. وانظر الإرواء ٨/ ١١٦.
(٤) سقط من: الأصل.