للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ومَن سَبَّ اللهَ تعالى أو رسولَه، كَفَر، سَواءٌ كان جادًّا أو مازِحًا، وكذلك مَن اسْتَهْزَأ باللهِ سُبحانَه وتعالى، أو بآياتِه أو برُسُلِه أو كُتُبه؛ لقولِه تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (١). ويَنْبَغِي أن لا يُكْتَفَى مِن الهازِئِ بذلك بمُجَرَّدِ الإِسْلامِ حتى يُؤَدَّبَ أدَبًا يَزْجُرُه عن ذلك؛ لأنَّه إذا لم يُكْتَفَ ممَّن سِبَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالتَّوْبةِ، فهذا أوْلَى.

فصل: فإنِ اسْتَحَلَّ قتلَ المَعْصُومِين، وأخْذَ أمْوالِهم، بغيرِ شُبْهَةٍ ولا تأْويلٍ، كَفَر؛ لِما ذَكَرْنا، وإن كان بتأويلٍ، كالخَوارِجِ، فقد ذَكَرْنا أنَّ كثيرًا مِن العُلَماءِ لم يَحْكُموا بكُفْرِهم مع اسْتِحْلالِهم دِماءَ المسلمِين وأمْوالهم، وفِعْلِهم ذلك مُتَقَرِّبِين به إلى اللهِ تعالى، وكذلك لم يُحْكَمْ بكُفْرِ ابنِ مُلْجَم مع قَتْلِه أفضلَ الخَلْقِ في زمنِه، ولا يَكْفُرُ المادِحُ له على ذلك أيضًا، المُتَمَنِّي مثلَ فِعْلِه، وهو عِمْرانُ بنُ حِطَّانَ، قال يَمْدَحُه لقَتْلَ عليٍّ (٢):

يا ضَرْبةً مِن تَقِيٍّ ما أرادَ بها ... إلَّا لِيَبْلُغَ [مِن ذي العَرْشِ] (٣) رِضوانًا

إنِّي لأذْكُرُه يومًا فأحْسَبُه ... أوْفَى البَرِيَّةِ عندَ اللهِ مِيزَانًا


(١) سورة التوبة ٦٥، ٦٦.
(٢) الكامل، للمبرد ٣/ ١٦٩.
(٣) في الأصل: «عند الله ذي العرش». وفي ر ٣، ص، م: «عند الله». والمثبت من الكامل للمبرد. وانظر المغني ١٢/ ٢٧٦.