للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وما اسْتَطابَتْه العَرَبُ، فهو حَلالٌ؛ لقوْلِ اللهِ تعالى: [{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ}. يعْنِي ما يَسْتَطِيبُونَه. وما اسْتَخْبَثَتْه العربُ فهو مُحَرَّمٌ؛ لقولِ اللهِ تعالى] (١): {وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ}. والذين تُعْتَبَرُ اسْتِطابَتُهم واسْتِخْباثُهم هم أهلُ الحِجازِ، مِن أهلِ الأمْصارِ؛ لأنَّهم الذين نَزَلَ عليهم الكِتابُ، وخُوطِبُوا به، وبالسُّنَّةِ، فرُجِعَ في مُطْلَقِ ألفاظِهما إلى عُرْفِهم دُونَ غيرِهم، ولم يُعْتَبَرْ أهلُ البَوادِي؛ لأنَّهم للضَّرُورَةِ والمَجاعَةِ يأكُلُون ما وَجَدوا، ولهذا سُئِلُ بعْضُهم عمّا يَأكُلُون، فقال: ما دَبَّ ودَرَجَ، إلَّا أُمَّ حُبَينٍ (٢). فقال: لِتَهْنِ أُمَّ حُبَينٍ العافِيَةُ. وما وُجِدَ في أمْصارِ المسلِمِين، ممّا لا يَعْرِفُه أهلُ الحِجازِ، رُدَّ إلى أقْرَبِ ما يُشْبِهُه في الحِجازِ، فإن لم يُشْبِهْه شيءٌ منها، فهو مُباحٌ؛ لدُخُولِه في عُمومِ قولِه تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}. الآية. ولقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا سَكَت اللهُ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» (٣). فعلى هذا، مِن المُسْتَخْبَثَاتِ الحَشَراتُ؛ كالدِّيدانِ، والجُعْلانِ، وبناتِ وَرْدَانَ (٤)،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أم حبين: دُوَيبة تشبه الضب. انظر: الحيوان ٦/ ١٤٣.
(٣) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في لبس الفراء، من أبراب اللباس. عارضة الأحوذي ٧/ ٢٢٩. وابن ماجه، في: باب أكل الجبن والسمن. من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه ٢/ ١١١٧.
(٤) بات وردان: دويبة نحو الخنفساء حمراء اللون، وأكثر ما تكون في الحمامات والكنف.