للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كوَرَقِ الشَّجَرِ، ونُشارَةِ الخشَبِ والتُّرابِ، احْتَمَلَ وَجْهَين؛ أحَدُهما؛ يَحْنَثُ؛ لأنَّه قد أكَلَه، فأَشْبَهَ ما جَرَتِ العادَةُ بأكْلِه، ولأنَّه رُوِيَ عن عُتْبَةَ بنِ غَزْوانَ، أنَّه قال: لقد رأَيتُنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سابِعَ سَبْعَةٍ، ما لَنا طَعامٌ إلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ (١)، حتَّى قَرِحَتْ أشْدَاقُنا (٢). والثاني، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يَتَناوَلُه اسمُ الطَّعامِ في العُرْفِ.

فصل: وإن حَلَف لا يَأكُلُ قُوتًا، فأكَلَ خبزًا، أو تمرًا، أو زَبِيبًا (٣)، أو لَحْمًا، أو لَبَنًا، حَنِثَ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِن هذه يُقْتاتُ في بعضِ البُلْدانِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْنَثَ إلا بما يَقْتاتُه أهْلُ بَلَدِه؛ لأنَّ يَمِينَه تَنْصَرِف إلى القُوتِ المُتَعارَفِ عندَهم وفي بَلَدِهم. ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْهان كَهذَين. وإن أكَلَ سَويقًا، أو اسْتَفَّ دَقِيقًا، حَنِثَ؛ لأنَّه يُقْتاتُ كذلك. ولهذا قال بعضُ اللُّصوصِ (٤):

لا تَخْبِزَا خُبْزًا وبُسَّا بَسَّا

ولا تُطِيلَا بمُقامٍ حَبْسَا


(١) الحُبْلَةُ: ثَمَر السَّمُرِ، يشبه اللوبياء. النهاية ١/ ٣٣٤.
(٢) أخرجه مسلم، في: باب حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد. . . .، من كتاب الزهد والرقائق. صحيح مسلم ٤/ ٢٢٧٩. وابن ماجه، في: باب معيشة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٣٩٢. والإمام أَحْمد، في: المسند ٤/ ١٧٤، ٥/ ٦١.
(٣) في م: «تينا».
(٤) الرجز في: الحيوان ٤/ ٤٩٠، ٤٩١، الصحاح ٢/ ٨٧٣، مقاييس اللغة ٢/ ٢٤٠، اللسان والتاج (خ ب ز) وفيهما: «نُسَّا نَسَّا» واللسان (ب س س) انظر معجم الشعراء ٤٧٦، والمخصص ٧/ ١٢٧.