للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَحْنَثْ في الحُكْمِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (١). وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المريضٍ الذي زَنَى: «خُذُوا لَه عِثْكالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، فَاضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَة وَاحِدَةً» (٢). ولأنَّه ضَرَبَ بمِائَةِ سَوْطٍ، فبَرَّ في يَمِينِه, كما لو فرَّقَ الضَّربَ. ولَنا، أنَّ مَعْنَى يَمِينِه أن يَضْرِبَه مائةَ ضَرْبَةٍ، ولم يَضْرِبْه إلَّا ضَربَةً واحِدَةً، والدَّليلُ على هذا أنَّه لو ضَرَبَه مِائةَ ضَرْبَةٍ بسَوْطٍ بَرَّ، بغيرِ خلافٍ، ولو عادَ العددُ إلى السَّوْطِ، لم يَبَرَّ بالضَّرْبِ بسَوْطٍ واحدٍ, كما لو حَلَف لَيَضْرِبَنَّه بعَشَرَةِ أسْواطٍ، ولأنَّ السَّوْطَ ههُنا آلةٌ أُقِيمَتْ مُقامَ المَصْدَرِ، وانْتَصَبَ انْتِصابَه؛ لأنَّ مَعْنَى كلامِه: لأضْرِبَنَّه مِائَةَ ضَرْبَةٍ بسَوْطٍ. وهذا هو المَفْهومُ من يَمِينِه، والذي يَقْتَضِيه لُغَةً، فلا يَبَرُّ بما يُخالِفُ ذلك. وأمَّا أيُّوبُ، عليه السلامُ، فإنَّ اللهَ تعالى أرْخَصَ له رِفْقًا بامرأتِه، لِبِرِّها به، وإحْسانِها إليه، ليَجْمَعَ له بينَ بِرِّه في يَمِينِه ورِفْقِه بامرأتِه، ولذلك امْتَنَّ عليه بهذا، وذَكَرَه في جُمْلَةِ ما مَنَّ به عليه، من مُعافاتِه من بَلائِهِ، وإخْراجِ الماءِ له، فيَخْتَصُّ


(١) سورة ص ٤٤.
(٢) تقدم تخريجه في ٢٦/ ١٩٥.