للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وفيه خَطَر عظيمٌ ووزْرٌ كبيرٌ لمَن لم يُؤَدِّ الحَقَّ فيه، ولذلك كان السَّلَفُ، رَحِمَهم اللهُ، يَمْتَنِعُونَ منه أشَدَّ الامْتِناعِ، ويَخْشَوْن على أنْفُسِهم خَطَرَه. قال خاقانُ بنُ عبدِ الله (١): أُرِيدَ أبو قِلابَةَ على قَضاءِ البَصْرَةِ، فهَرَبَ إلى اليَمامَةِ، فأُرِيدَ على قَضائِها، فهَرَبَ إلى الشَّام، فأُرِيدَ على قَضائِها، وقيل: ليس ههُنا غيرُك. قال: فَأَنْزِلُوا (٢) الأَمرَ على ما قُلْتُمْ، فإنَّما مَثَلِي مَثَلُ سابِحٍ وَقَع في البَحْرِ، فسَبَحَ يومَه، فانْطَلَقَ، ثم سَبَح اليومَ الثَّانِيَ، فمَضَى أيضًا، فلَمّا كان اليومُ الثالثُ فتَرَتْ يَداه (٣). وكان يُقالُ: أعلَمُ الناسِ بالقَضاءِ أشَدُّهم له كَراهَةً. ولعِظَمِ خَطرَه، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا، فَقَدْ ذُبِحَ بغيرِ سِكِّين». قال التِّرْمِذِيُّ (٤): هذا حديث حسنِ. قيلَ في هذا الحديثِ: إنَّه لم يَخْرُجْ مَخْرَجَ الذَّمِّ للقَضاءِ، وإنَّما وَصَفه بالمَشقَّةِ، فكأنَّ مَن وَلِيَه قد حُمِل على


(١) خاقان بن عبد الله بن الأهتم أخو يحيى بن أبي الحجاج المنقري، روى عن الحكم بن عتيبة وعلي بن زيد بن جدعان، روى عنه عبد الصمد بن عبد الوارث ومسدد وهشام الكلبي. الجرح والتعديل ٣/ ٤٠٥، ٤٠٦. ولم نجد هذا الأثر من روايته عن أبي قلابة.
(٢) في الأصل: «فاتركوا».
(٣) أخرج نحوه ابن أبي شيبة، في: باب في القضاء وما جاء فيه، من كتاب البيوع. المصنف ٧/ ٢٣٨. والبيهقي، في: باب كراهية الإمارة. . . .، من كتاب آداب القاضي. السنن الكبر ى ١٠/ ٩٧. ووكيع، في: أخبار القضاة ١/ ٢٣. كلهم عن أيوب عنه.
(٤) في: باب ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القاضي، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي ٦/ ٦٦، ٦٧.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في طلب القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود ٢/ ٢٦٨. وابن ماجه، في: باب ذكر القضاة، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٧٤.