وَجْهَين. وقال أصحابُ أبي حنيفةَ: تَثْبُتُ بالاسْتِفاضَةِ. ولم يُفَرِّقُوا بينَ البلدِ القريبِ والبعيدِ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ولَّى عليًّا قَضاءَ اليَمَنِ، وهو بعيدٌ، مِن غيرِ شَهادةٍ، ووَلَّى الوُلاةَ في البُلْدانِ البعيدةِ، وفَوَّضَ إليهم الولايةَ والقَضاءَ، ولم يُشْهِدْ، وكذلك خُلَفاؤه، ولم يُنْقَلْ عنهم الإشْهادُ على تَوْلِيةِ القَضاءِ، مع بعدِ بُلدانِهم. ولَنا، أنَّ القَضاءَ لا يَثْبُت إلَّا بأحَدِ أمْرَين، وقد تَعَذَّرَتْ (١) الاسْتِفاضَةُ في البَلَدِ البعيدِ؛ لعَدَمِ وُصُولِها إليه، فيَتَعَيَّنُ الإشْهادُ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُشْهِدْ على تَوْلِيَته، فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لم يَبْعَثْ والِيًا إلَّا ومعه جماعةٌ الظاهرُ أنَّه أشْهَدَهم، وعَدَمُ نَقْلِه لا يَلْزَمُ منه عَدَمُ فِعْلِه، وقد قام دَلِيلُه، فيَتَعَيَّنُ وُجُوبُه.