عُمَرَ وعُثْمانَ وعليّ، رَضِي الله عنهم، أنَّهم كانوا يَقْضُونَ في المسجدِ. قال مالك: القضاءُ في المسجدِ مِن أمْرِ الناسِ القديمِ. وبه قال مالك، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال الشافعي: يُكْرَهُ ذلك، إلَّا أن يتَّفِقَ خَصمانِ عندَه في المسجدِ؛ لِما رُوِيَ أنَّ عمرَ، رَضِي الله عنه، كَتَب إلى القاسمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، أن لا تَقْضِيَ في المسجدِ؛ لأنَّه يَأتِيك الحائضُ والجُنُبُ. [ولأنَّ القاضِيَ يَأتِيه الحائِضُ والجُنُبُ](١) والذِّمِّي، وتَكْثُرُ غاشِيَتُه، ويَجْرِي بينَهم اللَّغَطُ والتَّكاذُبُ والتَّجاحُدُ، ورُبَّما أدَّى إلى السَّبِّ وما لم تبْنَ له المساجدُ. ولَنا، إجْماعُ الصحابةِ بما قد رَوَينا عنهم. وقال الشَّعْبِي: رَأيتُ عُمَرَ مُسْتَنِدًا إلى القبلةِ، يَقْضِي بينَ الناسِ. ولأنَّ القَضاءَ قُرْبَة وطاعة وإنْصافٌ بينَ الناسِ. ولا نَعْلَمُ صِحَّةَ ما رَوَوْه، وقد رُوِيَ عنه خِلافُه. وأمَّا الحائضُ، فإن عَرَضَتْ لها حاجَة إلى القضاءِ، وَكَّلَتْ، أو أتَتْه في مَنْزِلِه. والجُنُبُ يَغْتَسِلُ ويَدْخُلُ، والذِّمِّي يجوزُ دُخُولُه بإذْنِ مسلم. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَجْلِسُ في مسجدِه، مع حاجةِ الناسِ إليه للحُكُومَةِ والفُتْيا وغيرِ ذلك مِن حَوائِجِهم، وكان أصْحابُه يُطالِبُ بعضُهم بعضًا بالحُقوق في المسجدِ، ورُبَّما رَفَعُوا أصْواتَهم، فقد رُوِيَ عن كَعْبِ بنِ مالكٍ، قال: تقاضَيتُ ابنَ أبي حَدْرَدٍ