النبيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ولَنا، أنَّ في حديثِ أبي حُمْيَدٍ: حتَّى إذا كانتِ الرَّكْعَةُ التى يَقْضِي فيها صلَاتَه، أخَّرَ رِجْلَه اليُسْرَى، وجَلَس مُتَوَرِّكًا على شِقِّه الأيْسَرِ. وهذا بَيانُ الفَرْقِ بينَ التَّشَهُّدَيْن، وزيادَةٌ يَجِبُ الأخْذُ بها والمَصِيرُ إليها، والذى احْتَجُّوا به في التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، ونحن نقولُ به. فأمّا صِفَةُ التَّوَرُّكِ فهو كما ذَكَر. قال الأثْرَمُ: رَأَيْتُ أَبا عبدِ الله يِتَوَرَّكُ في الرابِعَةِ في التَّشَهُّدِ، فيُدْخِلُ رِجْلَه اليُسْرَى، ويُخْرِجُها مِن تحتِ ساقِه الأيْمَنِ، ولا يَقْعُدُ على شئٍ منها، ويَنْصِبُ اليُمْنَى، ويَفْتَحُ أصابِعَه ويُنَحِّي عَجُزَه كله، ويَسْتَقْبِل بأصابعِه اليُمْنَى القِبْلَةَ، ورُكْبَتُه اليُمْنَى على الأرضِ مُلْزَقَةٌ، وهذا قولُ أبي الخَطَّابِ، وأصحابِ الشافعيِّ، فإنَّ أَبا حُمَيْدٍ، قال: فإذا كان في الرّابِعَةِ أفْضَى بوَرِكِه اليُسْرَى إلى الأرضِ، وأخْرَجَ قَدَمَيْه مِن ناحِيَةٍ واحِدَةٍ، رَواه أبو داودَ (١). وقال الخِرَقِيُّ والقاضى: يَنْصِبُ رِجْلَه اليُمْنَى، ويَجْعَلُ باطِنَ رِجْلِه اليُسْرَى تحتَ فَخِذِه اليُمْنَى، ويَجْعَلُ ألْيَتَيْه على الأرْضِ؛ لقولِ عبدِ الله بِنِ الزُّبَيْرِ: كان رسولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- إذا قَعَد في الصلاةِ جَعَل قَدَمَه اليُسْرَى
(١) في: باب افتتاح الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٦٨، ١٦٩.