للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا يَتَوَرَّك إلَّا في صلاةٍ فيها تَشَهُّدان في الأخِيرِ منهما. وقال الشافعيُّ: يُسَنُّ التَّوَرُّكُ في كُلِّ تَشَهُّدٍ يُسَلِّمُ فيه، وإن لم يَكنْ ثانِيًا، كتَشَهُّدِ الصُّبحِ والجُمُعَةِ، لأنَّه تَشَهُّدٌ يُسَنُّ تَطْوِيلُه، فسُنَّ التَّوَرُّكُ فيه، كالثّانِي. ولَنا (١)، حديثُ وائلِ بنِ حُجْرٍ (٢)، أنَّ النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- لمّا جَلَس للتَّشَهُّدِ افْتَرَشَ رِجْلَه اليُسْرَى، ونَصَب رِجْلَه اليُمْنَى. ولم يُفَرِّقْ بينَ ما يُسَلَّمُ فيه ولا ما لا يُسَلَّمُ. وقالت عائشةُ: كان رسولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقولُ في كلِّ رَكْعَتَيْن التَّحِيَّةَ، وكان يَفْرِشُ رِجْلَه اليُسْرَى ويَنْصِبُ اليُمْنَى. رَواه مسلمٌ (٣). وهذان يَقْضِيان على كُلِّ تَشَهُّدٍ بالافْتِراش، إلَّا ما خَرَج منه بحديثِ أبي حُمَيْدٍ في التَّشَهُّدِ الثّانِي، فيَبْقَى فيما عَدَاه على قَضِيَّةِ الأصْلِ، ولأن هذا ليس بتَشَهُّدٍ ثانٍ، فلا يُتَوَرَّكُ فيه، كالأوَّلِ، وهذا لأنَّ التَّشَهُّدَ الثّانِيَ إنَّما تُوُرِّكَ فيه للفَرْقِ بينَ التَّشَهُّدَيْن، وما ليس فيه تَشَهُّدٌ ثانٍ لا يَحْتاجُ إلى الفَرْقِ، وما ذَكَرُوه مِن المَعْنَى، إن صَحَّ، فيُضَمُّ إليه هذا المَعْنَى الذى ذَكَرْناه، ويُعَلِّلُ بهما، والحُكْمُ إذا عُلِّلَ بمَعْنَيَيْن لم يَتَعَدَّ بدُونِهما.

فصل: قِيلَ لأبي عبدِ اللهِ: ما تقولُ في تَشَهُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ؟ قال: يُتَوَرَّكُ فيه أَيضًا، هو مِن بَقِيَّةِ الصلاةِ. يَعْنِي إذا كان مِن السَّهْوِ في صلاةٍ


(١) في الأصل: «وأما».
(٢) يقدم تخريجه في صفحة ٥٣٤.
(٣) في: باب ما يجمع صفة الصلاة. . . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم ١/ ٣٥٧، ٣٥٨. كما أخرجه أبو داود، في: باب من لم ير الجهر ببسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٨٠، ١٨١. والإمام أَحْمد، في: المسند ٦/ ١٩٤.