للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَفْعَلُونَ} (١). ثم اسْتَثنى المؤمِنينَ بقولهِ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (٢). ولأن الغالِبَ على الشُّعراءِ قِلَّةُ الدِّينِ، والكَذِبُ، وقذْفُ المُحْصَناتِ، وهِجَاءُ الأبْرِياء، لا سِيَّما مَن كان فِى ابْتداءِ الإسْلامِ، ممَّن يَهْجُو النبىَّ - صلى الله عليه وسلم -، ويَهْجُو المسلمين، ويَعِيبُ الِإسلامَ، ويَمْدَحُ الكُفَّارَ، فوَقَعَ الذَّمُّ على الأغْلَبِ، واسْتَثْنَى منهم مَن لا يَفْعَلُ الخِصالَ المذْمُومَةَ، فالَايةُ دَليلٌ على إباحَتِه، ومَدْحِ أهْلِه المُتَّصِفِينَ بالصِّفاتِ الجَمِيلةِ. وأمَّا الخبرُ، فقال أبو عُبَيْدٍ (٣): مَعناهُ أنْ يَغْلِبَ عليه الشِّعْرُ حتى يَشْغَلَه عن القُرْآنِ والفِقْهِ. وقيلَ: المُرادُ به ما كان هِجاءً وفُحْشًا، فما كان مِن الشعْرِ يتَضَمَّنُ هَجْوَ (٤) المسلمينَ، والقَدْحَ في أعْراضِهم، أو التَّشبيبَ بامرأةٍ بعَيْنِها، بالإفْراطِ في وَصْفِها، فذكرَ أصْحابُنا أنَّه مُحَرَّمٌ. وهذا إن أُرِيدَ به أنَّه مُحَرَّمٌ على قائِلِه، فهو صَحِيحٌ، وأمّا على رَاوِيه (٥) فلا يَصِحُّ؛ فإن الْمَغازِىَ يُرْوَى فيها قَصائدُ الذين هَاجَوْا بها أصْحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، لا ينكِرُ ذلك أحدٌ. وقد رُوِىَ أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - أذِنَ في الشِّعرِ الذى تَقاوَلَتْ به الشَّعَراءُ


(١) سورة الشعراء ٢٢٥، ٢٢٦.
(٢) سورة الشعراء ٢٢٧.
(٣) في الأصل: «عبيد». وانظر: غريب الحديث ١/ ٣٦، ٣٧.
(٤) في م: «هجاء».
(٥) في الأصل، ق: «رواية».