كتاب الشرح الكبير على المقنع - ت التركي

باب شروط من تقبل شهادته - ٥٠٤٦ - مسألة: (فأما الشين فى الصناعة) - ج: 29 - ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (١). وقال النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» (٢). وقال عمرُ، رَضِىَ الله عنه: بَقِيَّةُ عُمُرِ المَرْءِ لا قِيمَةَ له، يُدْرِكُ فيه ما فاتَ، ويُحْيىِ فيه ما أماتَ، ويُبَدِّلُ اللهُ سَيّئاتِه حَسَناتٍ. والتَّوْبَةُ على ضَرْبَيْنِ؛ باطِنةٌ، وحُكْمِيَّةٌ، فالباطِنَةُ فيما بينَه وبينَ الله تِعالى، فإن كانتِ المَعْصِيَةُ لا تُوجِبُ حقاً عليه في الحُكْمِ، كقُبْلَةِ الأجْنَبِيَّةِ، والخَلْوَةِ بها، وشُرْبِ المُسكِرِ، والكَذِب، فالتَّوْبَةُ منها النَّدمُ، والعَزْمُ على أن لا يَعُودَ، فقد رُوِىَ عن النَّبِّىِ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» (٣)،. قيل: التوبةُ النصُوحُ تَجْمَعُ أرْبَعَةَ أشيَاءَ؛ النَّدَمَ بالْقَلْبِ، والاسْتِغْفارَ باللِّسَانِ، وإضْمارَ أن لا يَعُودَ، ومُجانبةَ خُلَطاءِ السُّوءِ. وإن كانتْ تُوجِبُ حقَّا عليه لله تِعالى، أو لآدَمِىٍّ؛ كمَنْعِ الزَّكاةِ، والغصْب، فالتَّوْبَةُ مهنا بما ذكَرْنا، وتَرْكِ المَظْلَمَةِ حَسْبَ إمْكانِه، بأن يُؤدَّىَ الزَّكَاةَ، ويَرُدَّ المَغصُوبَ أو بَدَلَه. وإنْ عَجَزَ عن ذلك، نَوَى رَدَّه متى قَدَر عليه. فإن كان عليه فيها حَقٌّ في البَدَنِ، وكان حقَّا لآدَمِيٍّ، كالقِصاصِ، وحَدِّ القَذْفِ، اشْتُرِطَ في التَّوْبَةِ التَّمْكِينُ مِن نَفْسِه، ببَذلِها

---

(١) سورة النساء ١١٠.
(٢) تقدم تخريجه في ٢٠/ ٣٣٨.
(٣) سقط من: م.
والحديث أخرجه ابن ماجه، في: باب ذكر التوبة، من كاتب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٤٢٠. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٧٦، ٤٢٣، ٤٣٣. والحاكم، في: كتاب التوية والإنابة. المستدرك ٤/ ٢٤٣. والبيهقى، في: باب شهادة القاذف، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى ١٠/ ١٥٤.