للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تُقْبَلْ شَهادَتُكم. فتَابَ رجُلانِ، وقَبِلَ عمرُ شَهادَتَهما، وأبَى أبو بَكْرَةَ، فلم يَقْبَلْ شَهادَتَه، وكان قد عادَ مثلَ النَّصْلِ مِن العِبادةِ (١). ولأنَّه تابَ مِن ذَنْبِه، فقُبِلَتْ شَهادتُه، كالتَّائِبِ مِن الزِّنى، يُحَقِّقُه أنَّ الزِّنَى أعْظمُ مِن القَذْفِ به، وكذلك قَتْلُ النَّفْسِ التى حَرَّمَ اللهُ، وسائِرُ الذُّنوب، إذا تابَ فاعِلُها، قُبِلَتْ شَهادتُه، فهذا أَوْلَى. وأمَّا الآيةُ، فهى حجَّةٌ لنا؛ لأنَّه اسْتَثْنَى التَّائبين بقولِه تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (٢). والاسْتِثْناءُ مِن النَّفْىِ إثْباتٌ، فيكونُ تَقْدِيرُه: إلَّا الذينَ تَابُواْ، فاقْبَلوا شَهادَتَهم، ولَيسوا بفَاسِقِينَ. فإن قالوا: إنَّما يَعودُ الاسْتِثْناءُ إلى الجُملةِ التى تَلِيه، بدَليلِ أنَّه لا يَعودُ إلى الجَلْدِ. قُلْنا: بل يَعودُ إليه أيضًا؛ لأنَّ هذه الجُمَلَ مَعْطُوفٌ بعْضُها على بعضٍ بالواوِ، وهى للجَمْعِ تَجْعَلُ الجُمَلَ كلَّها كالجُملةِ الواحِدَةِ، فيعودُ الاسْتِثْناءُ إلى جَمِيعِها، إلَّا ما مَنَعَ [منه مانِعٌ] (٣)، ولهذا لمّا قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَؤْمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي بَيْتِه، وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإذْنِهِ» (٤). عادَ الاسْتِثْناءُ إلى الجُمْلَتَيْن جميعًا، ولأنَّ الاسْتِثْناءَ يُغايِرُ (٥) ما قبلَه، فعادَ إلى الجُمَلِ المعْطُوفِ بعْضُها على بعْضٍ بالواوِ، كالشَّرْطِ، فإنَّه لو قال: امرأتُه طالِقٌ، وعبدُه حُرٌّ،


(١) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف ٨/ ٣٦٢. والبيهقي مختصرا، في: السنن الكبرى ١٠/ ١٥٢.
(٢) سورة النور ٥.
(٣) سقط من: ق، م.
(٤) تقدم تخريجه في ٤/ ٢٧٨.
(٥) في الأصل: «بغير».