للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ: لا تُقْبَلُ شَهادَتُه؛ لأنَّه غيرُ ذِى مُروءةٍ، ولأنَّها مَبْنِيَّةٌ على الكَمالِ لا تَتَبَعَّضُ، فلم يَدْخُلْ فيها (١) العَبْدُ، كالمِيراثِ. وقال الشَّعْبِيُّ (٢)، والنَّخَعِيُّ، والحَكَمُ: تُقْبَلُ في الشئِ اليسيرِ. ولَنا، عُمومُ آياتِ الشَّهادةِ، وهو داخِلٌ فيها؛ فإنَّه مِن رِجالِنا، وهو عَدْلٌ تُقْبَلُ رِوايَتُه وفُتْياه وأخْبارُه الدِّيِنِيَّةُ. ورَوَى عُقْبَةُ بنُ الحارِثِ، قال: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يحيى بنتَ أبي إهابٍ، فجاءَتْ أَمَةٌ سَوداءُ، فقالتْ: قد أرْضَعْتُكما. فذَكَرْتُ ذلك لرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كَيْفَ وقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ؟». مُتَّفَقٌ عليه (٣). وفى رِوايةِ أبي داودَ، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّها لَكاذِبَةٌ. فقال: «وَمَا يُدْرِيكَ، وقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ؟ دَعْهَا عَنْكَ». ولأنَّه عَدْلٌ غيرُ مُتَّهَمٍ، فتُقْبَلُ شَهادتُه، كالحُرِّ. وقولُهم: ليس له مُروءَةٌ. مَمْنوعٌ، بل هو كالحُرِّ يَنْقَسِمُ إلى مَن له مُروءةٌ، ومَن لا مُروءَةَ له، وقد يكونُ منهم العُلَماءُ والأُمَراءُ والصَّالِحونَ والأتْقِياءُ. سُئِلَ إياسُ بنُ مُعاوِيةَ عن شَهادةِ العَبْدِ، فقال: أنا أرُدُّ شَهادةَ عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيْبٍ (٤)! وكان منهم


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في ق، م: «الشافعي».
(٣) تقدم تخريجه في ١٠/ ٣٤٧.
(٤) البناني مولاهم، البصرى الأعمى، ثقة، توفي سنة ثلاثين ومائة. تهذيب التهذيب ٦/ ٣٤١، ٣٤٢.