إلَّا ما رُوِىَ عن عَطاءٍ وحَمَّادٍ أنَّهما قالا: يُقْبَلُ فيه رَجلٌ وامْرأتان، قِياسًا على الشَّهادةِ في الأمْوالِ. ولَنا، أنَّ هذا ممَّا يُحْتاطُ لدَرْئِه وإسْقاطِه، ولهذا يَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، ولا تَدْعُو الحاجَةُ إلى إثْباتِه، وفى شَهادةِ النِّساءِ شُبْهَةٌ، بدَليلِ قولِه تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}(١). وأنَّ شَهادَتَهُنَّ لا تُقْبَلُ وإنْ كَثُرْنَ، ما لم يكُنْ مَعَهُنَّ رجلٌ، فوجَبَ أن لا تُقْبَلَ شَهادَتُهُنَّ فيه. ولا يَصِحُّ قِياسُ هذا على المالِ؛ لِما ذكَرْنا مِن الفَرْقِ. وبهذا الذى ذكَرْناه قال سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وحَمَّادٌ، والزُّهْرِيُّ، ورَبِيعَةُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثورٍ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. واتَّفَقَ هؤلاءِ كلُّهم على أنَّها تَثْبُتُ بشَهادةِ رَجُلَيْنِ ما خلَا الزِّنَى، إلَّا الحسنَ، فإنَّه قال: الشَّهادةُ على القتلِ، كالشَّهادةِ على الزِّنَى، لا يُقْبَلُ فيها إلَّا أرْبَعَةٌ. ورُوِىَ ذلك عن أبي عبدِ اللهِ؛ لأنَّها شَهادةٌ يَثْبُتُ بها القَتْلُ، فلم تَثْبُتْ إلَّا بأرْبعةٍ، كالشّهادةِ على زِنَى المُحْصَنِ. ولَنا، أنَّه أحدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فيُقْبَلُ فيه اثْنان، كقَطْعِ الطَّرَفِ، وفارَقَ الزِّنَى؛ فإنَّه مُخْتَصٌّ بهذا، وليستِ العِلَّةُ كوْنَه قَتْلًا، بدليلِ وُجوبِ الأرْبعةِ في زِنَى البِكْرِ، ولا قَتْلَ فيه، ولأنَّه انْفَرَدَ بإيجابِه الحدَّ على الرَّامِي به، والشُّهودِ إذا لم تَكْمُلْ شَهادَتُهُم، فلم يَجُزْ أن يَلْحَقَ به ما ليس مثلَه.