للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن مُحارِبِ بنِ دِثَارٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: «شَاهِدُ الزُّورِ، لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى تَجِبَ لَهُ النَّارُ» (١). فمتى ثَبَت عندَ الحاكمِ أنَّ رَجلًا شَهِدَ بزُورٍ عَمْدًا، عَزَّرَه، وشَهَّرَه. في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (٢). وهو قولُ شرَيْحٍ، والقاسمِ ابنِ محمدٍ، وسالمِ بنِ عبدِ اللَّهِ، والأوْزاعِىِّ، وابن أبى ليلَى، ومالكٍ، والشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُعَزَّرُ، ولا يُشَهَّرُ؛ لأنَّه قَوْلُ مُنْكَرٍ وزُورٍ، فلا يُعَزَّرُ به، كالظِّهارِ. ورَوَى عنه الطَّحاوِىُّ أنَّه يُشَهَّرُ. وأنْكَرَه المُتَأَخِّرُون. ولَنا، أنَّه قَوْلٌ مُحَرَّمٌ يَضرُّ به الناسَ، فأوْجَبَ العُقوبَةَ على قائلِه، كالسَّبِّ والقَذْفِ، ويُخالِفُ الظِّهارَ مِن وِجْهَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّه يَخْتَصُّ بِضرَرِه. والثانى، أنَّه أوْجَبَ كفَّارةً شاقَّةً هى أشَدُّ مِن التَّعْزِيرِ، ولأنَّه قولُ عمر، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولا نَعْلَمُ له في الصَّحابَةِ مُخالِفًا. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّ عُقُوبَتَه غيرُ مُقَدَّرَةٍ، وإنَّما ذلك مُفَوَّضٌ إلى رَأْىِ الحاكِمِ؛ إن رأى ذلك بالجَلْدِ، فَعَلَ، وإن رآه بحَبْسٍ أو كَشْفِ رأْسِه وتَوْبِيخِه،


(١) تقدم تخريجه في ٢٨/ ٤٩٠.
(٢) تقدم تخريجه في ٢٦/ ٤٦١.