للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يُسْتَحْلَفَ مع عَدمِ الإِقْرارِ أَوْلَى، ولأنَّه يُسْتَحَبُّ سَتْرُه، والتَّعْرِيضُ للمُقِرِّ به بالرُّجوعِ عن إقْرارِه، وللشُّهودِ بتَرْكِ الشَّهادَةِ والسَّتْرِ عليه، قال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لهَزَّالٍ، في قصَّةِ ماعِزٍ: «يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْتَه بثَوْبِكَ، لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» (١). فلا تُشْرَعُ فيه يَمِينٌ بحالٍ. النوعُ الثانى، الحُقوقُ المالِيَّةُ، كدَعْوَى السَّاعِى الزَّكاةَ على رَبِّ المالِ، وأنَّ الحَوْلَ قد تَمَّ وكَمَلَ النِّصابُ، فقال أحمدُ: القولُ قولُ رَبِّ المالِ، بغيرِ يَمِينٍ، ولا يُسْتَحْلَفُ الناسُ على صَدَقاتِهم. وقال الشافعىُّ، وأبو يوسُفَ: يُسْتَحْلَفُ؛ لأنَّها دَعْوَى مَسْمُوعَةٌ يتَعلَّقُ بها حَقُّ آدَمِىٍّ، أشْبَهَ حَقَّ الآدَمِىِّ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّه حَقٌّ للَّهِ تعالى، أشْبَهَ الحَدَّ، ولأَنَّ ذلك عِبادةٌ، فلا يُسْتَحْلَفُ عليها، كالصَّلاةِ. ولو ادَّعَى عليه أنَّ عليه كفَّارَةَ يَمِينٍ، أو ظِهارٍ، أو نَذْرٍ، أو صَدَقَةٍ أو غيرِها، فالقولُ قولُه في نَفْىِ ذلك مِن غيرِ يَمِينٍ، ولا تُسْمَعُ الدَّعْوَى في هذا، ولا في حَدٍّ للَّه تِعالى؛ لأَنَّه لا حَقَّ للمُدَّعِى فيه، ولا وِلاية له عليه، فلا تُسْمَعُ منه دَعْوَاه، كما لو ادَّعَى حَقًّا لغيرِه مِن غيرِ إذْنِه ولا وِلايَة له عليه. فإن تَضَمَّنَتْ دَعْواه حقًّا له، مثلَ أن يَدَّعِىَ سَرِقَةَ مالِه، لتَضْمينِ السَّارِقِ، أو يَأْخُذ (٢) منه ما سَرَقَه، أو يَدَّعِىَ عليه الزِّنَى بجارِيَتِه؛ ليَأْخُذَ مَهْرَها منه، سُمِعَتْ دَعْوَاه ويُسْتَحْلَفُ المُدَّعَى عليه لحَقِّ الآدَمِىِّ، دونَ حَقِّ اللَّهِ تعالى.


(١) تقدم تخريجه في ٢٦/ ٣٤٤.
(٢) في الأصل: «لا يأخذ».