فصل: وكلُّ حيوانٍ فحُكمُ شَعَرِه حكمُ بَقِيَّةِ أجْزائِه في النجاسةِ والطهارةِ، لا فَرْقَ بينَ حالةِ الحياةِ والموتِ، إلَّا أنَّ الحيواناتِ التي حَكَمْنا بطَهارتِها لمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ، كالهِرِّ وما دونَها، فيها بعدَ الموتِ وَجْهان؛ أحدُهما، نجاسَتُها؛ لأنَّها كانت طاهرةً في الحياةِ، مع وجودِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ لمُعارِضٍ، وهو عَدَمُ إمكانِ التَّحَرُّزِ عنها، وقد زال ذلك بالموتِ، فَتَنْتَفِي الطهارةُ. والثاني، هي طاهرةٌ. وهو أصَحُّ؛ لأنَّها كانت طاهرةً في الحياةِ، والموتُ لا يقْتَضِي تَنْجِيسَها، فتَبْقَى طاهرةً. وما ذُكِر للوَجْهِ الأوَّلِ لا يَصِحُّ، ولا نُسَلِّمُ وجودَ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ، وإن سَلَّمْناه غيرَ أنَّ الشَّرْعَ ألغاهُ، ولم يَعْتَبِرْه في موضِعٍ، فليس لنا اعتبارُه بالتَّحَكُّمِ.
فصل: وهل يَجُوزُ الخَرْزُ بشَعَرِ الخِنْزِيرِ؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهما، كَراهَتُه. حُكِي ذلك عن الحسنِ، وابنِ سِيرينَ، وإسحاقَ، والشافعيِّ؛ لأنَّه استعمالٌ للعَينِ النَّجِسَةِ، ولا يَسلَمُ مِن التَّنْجِيسِ بها، فحَرُمَ الانْتِفاعُ بها، كجِلْدِه. والثانية، يجوزُ الخَرْزُ به. قال: وباللِّيفِ أحَبُّ إلينا. ورَخَّص فيه الحسنُ، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ،. وأبو حنيفةَ؛ لأنَّ الحاجةَ