للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن قِيلَ: فقد صَلَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بأصْحابِه، ولم يَسْتَخْلِفْ. قُلْنا: فَعَل ذلك لتَبْيِينِ الجَوازِ، واسْتَخْلَفَ مَرَّةً أُخْرَى، ولأنَّ صلاةَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قاعِدًا أفْضَلُ مِن صلاةِ غيرِه قائِمًا. فإن صَلَّى بهم قاعِدًا «جاز» وصَلَّوا وراءَه جُلُوسًا. يُرْوَى ذلك عن أرْبَعَةٍ مِن أصْحابِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ (١) , وجابِرٌ، وقَيْسُ بنُ قَهْدٍ (٢)، وأبو هُرَيْرَةَ. وهو قَوْلُ الأوْزاعِيِّ، وحَمّادِ بنِ زيدٍ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ، في إحْدَى الرِّوايَتَيْن: لا تَصِحُّ صلاةُ القادِرِ على الِقيامِ خَلْفَ القاعِدِ. وهو قَوْلُ محمدِ بنِ الحسنِ. قال الشَّعْبِيُّ: رُوِي عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنَّه قال: «لَا يَؤُمَّنَّ أحَدٌ بَعْدِي (٣) جَالِسًا». أخْرَجَه الدَّارَقُطْنِيُّ (٤). ولأنَّ القِيامَ رُكْنٌ، فلا يَصِحُّ ائْتِمامُ القادِرِ عليه بالعاجِزِ عنه، كسائِرِ الأرْكانِ. وقال


(١) أسيد بن حضير بن سماك الأوسى، شهد العقبة الثَّانية، وكان نقيبًا لبنى عبد الأشهل. توفى سنة عشرين. أسد الغابة ١/ ١١١ - ١١٣.
(٢) قيس بن قهد بن قيس الخزرجى، شهد بدرًا وما بعدما، وتوفى في خلافة عثمان. أسد الغابة ٤/ ٤٤٠، ٤٤١.
(٣) في م «بعد».
(٤) في صلاة المريض جالسًا بالمأمومين، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٣٩٨.