يَضُرُّ انْفِرادُه، ولا يَلْزَمُ مِن العَفْوِ عن ذلك العَفْوُ عن رَكْعَةٍ كامِلَةٍ. وقَوْلُهم: هو مَوْقِفٌ إذا كان أحَدٌ عن يَمِينِه. قُلْنا: لا يَلْزَمُ مِن كَوْنِه موْقِفًا في صُورَةٍ أن يكونَ مَوْقِفًا في غيرِها؛ بدَلِيلِ ما وراءَ الإِمامِ، فإنَّه مَوْقِفٌ للاثْنَيْن، وليس مَوْقِفًا للواحِدِ، وإن مَنَعُوه فقد دَلَّ عليه الحديثُ المذْكُورُ. والقِياسُ أنَّه يَصِحُّ، كما لو كان عن يَمِينِه، وكونُ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أدار ابنَ عباسٍ، وجابِرًا يَدُلُّ على الفَضِيلَةِ، لا على عَدَمِ الصِّحَّةِ، بدَلِيلِ رَدِّ جابِرٍ وجَبّارٍ إلى وراءِه مع صِحَّةِ صَلاِتهما عن جَنْبَيْه.
فصل: فإن كان خَلْفَ الإمامِ صَفٌّ، فهل تَصِحُّ صلاةُ مَن وقفَ عن يَسارِه؛ فيه احْتمالانِ؛ أحَدُهما، يَصِحُّ؛ لأنَّه رُوِيَ عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أنَّه صَلَّى وأبو بَكْرٍ عن يَمِينِه، وكان أبو بكر الإمَامَ (١). ولأنَّ مع الإمامِ مَن تَنْعَقِدُ صَلَاتُه به، فصَحَّ، كما لو كان عن يَمِينِه أحَدٌ. والثّانِي، لا تَصِحُّ؛ لأنَّه ليس بمَوْقِفٍ إذا لم يكنْ صَفَّ، فلم يكنْ مَوْقِفًا مع الصَّفِّ، كأمامِ الإمامِ، وفارَقَ إذا كان معه آخَرُ؛ لأنَّه معه في الصَّفِّ, فكان صَفًا واحِدًا، فهو كما لو وَقَف معه خَلْفَ الصَّفِّ.
(١) بعده في م: «وكان مع الإمام». وانظر ما تقدم في صفحة ٣٧٧.