وعَدَمَ الإجْزاء. وكذلك الطعامُ يَحْرُمُ الاسْتِنْجاءُ به بطريقِ التنبِيهِ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّلَ النَّهْيَ عن الرَّوْثِ والرِّمَّةِ بكَوْنِه زادَ الجِنِّ، فَزادُنا أولَى، لكوْنِه أعْظَمَ حُرْمَةً. فإنَّ قِيل: فقد نَهَى عن الاسْتِجْمارِ باليَمِينِ، كنَهْيِه عن الاستجمارِ بهذينِ، ولم يَمْنَعْ ذلك الإِجْزاءَ. فعنه جوابان؛ أحدُهما، إنّه قد بيَّن في الحديث أنهما لا يُطَهِّران. الثاني، الفرقُ بينَهما، وهو أنَّ النَّهْيَ ههُنا لمعنًى في شَرْطِ الفِعلِ، فمَنَعَ صِحَّتَه، كالنَّهْي عن الوُضوءِ بالماءِ النَّجِس، وثَمَّ لمعنًى في آلةِ الشرط، فلم يَمْنَعْ، كالوُضوءِ مِن إناءٍ مُحَرَّم. وكذلك ما لَهُ حُرْمَةٌ؛ مِثْلُ كُتُبِ الفِقْهِ والحدِيثِ؛ لما فيه مِن هَتْكِ الشَّريعةِ والاسْتِخْفافِ بِحُرْمَتِها، فهو في الحُرْمَةِ أعْظَمُ مِن الرَّوْثِ والرِّمَّةِ، وكذلك ما يَتَّصِلُ بحيوانٍ كعَقِبِه ويَدِه وذَنَبِ البَهِيمةِ وصُوفِها المُتَّصِلِ بها؛ لأنَّ له حُرْمَةً، فهو كالطَّعامِ [وقد يُنَجِّس الغَيرَ](١).