للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بكلِّ واحدٍ مِن الأحْجارِ؛ لأنَّه إذا لم يَعُمَّ به (١) كان تَلْفِيقًا، وتَكُونُ (٢) مَسْحَةً واحدَة. وقالا: معنى الحديثِ البدايةُ بهذه المواضِعِ. قال شيخُنا: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَه لكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ؛ لظاهِرِ الخَبَرِ. واللهُ أعلمُ (٣).

فصل: ويُجْزِئ الاسْتِجْمارُ في النّادِرِ، كإجْزائِه في المُعْتادِ.

ولأصحابِ الشافعيِّ وَجْه، أنَّه لا يُجْزِئُ في النّادِرِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (٤): يَحْتَمِلُ أن يكونَ قولَ مالكٍ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بغَسْلِ الذَّكَرِ مِن المَذْىِ، وظاهرُ الأمْرِ الوجوبُ، ولأنَّ النّادِرَ لا يَتَكَرَّرُ، فلا يَشُقُّ اعْتِبارُ الماءِ فيه، فوَجَبَ كغيرِ هذا المَحَلِّ. ولَنا، أنَّ الخَبَرَ عام في الكُلِّ. ولأنّ الاسْتِجْمارَ في النّادرِ إنَّما وَجَب لما صَحِبَه مِن بِلَّةِ المُعْتادِ، ثم إنْ لم يَشُقَّ فهو في مَحَلِّ المَشَقَّةِ، فيُعْتَبَرُ مَظِنَّةُ المَشَقَّةِ دونَ حَقِيقَتِها، كما جازَ الاسْتِجْمارُ على نَهْرٍ جارٍ. وأمّا المَذْىُ فمُعْتادٌ كثيرٌ، ورُبَّما كان في بعض النَّاسِ أكثرَ مِن البَوْلِ، ولهذا أوْجَبَ مالِكٌ مِنه الوُضُوءَ، وهو لا يُوجِبُه مِن النّادِرِ، فيُجْزِئ فيه الاسْتِجْمارُ قياسًا على سائِرِ المُعْتادِ، والأمْرُ مَحْمُولٌ على الاسْتِجْبابِ، جَمْعًا بينَه وبينَ ما ذكرْنا. واللهُ أعلمُ.


(١) ساقطة من: «م».
(٢) في م: «فيكون».
(٣) المغني ١/ ٢١٠.
(٤) أبو عمر يوسف بن عبد البر بن عبد الله النمري القرطبي، شيخ علماء الأندلس، وكبير محدثيها في وقته، توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة. الديباج المذهب ٢/ ٣٦٧ - ٣٧٠.