للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكان إجْماعًا. الشَّرْطُ الثَّامِنُ، انْتِفاءُ الأعْذارِ، وقد ذَكَرْنَاها في آخِرِ صلاةِ الجَماعَةِ بما يُغْنِى عن إعادَتِها (١). والمَطَرُ الذى يَبُلُّ الثِّيابَ، والوَحْلُ الذى يَشُقُّ المَشْىُ فيه مِن جُمْلَةِ الأعْذارِ. وحُكِىَ عن مالكٍ، أنَّه كان لا يَجْعَلُ المَطَرَ عُذْرًا في التَّخَلُّفِ عنها. ولَنا، أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أمَرَ مُؤَذِّنَه في يَوْمِ جُمُعَةٍ في يَوْمِ مَطَرٍ، فقال: إذا قُلْتَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ. فلا تَقُلْ حَىَّ على الصَّلاةِ. قُلْ صَلُّوا في بُيُوتِكم. قال: فكأنَّ النَّاْسَ اسْتَنْكَرُوا ذلك. فقال: أتَعْجَبُون مِن ذا؟ فَعَل هذا مَن هو خَيْرٌ مِنِّى، إنَّ الجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وإنِّى كَرِهْتُ أن أُخْرِجَكم إليها فتَمْشُون في الطِّينِ والدَّحْضِ. أخْرَجَه مُسْلِمٌ (٢). ولأنَّه عُذْرٌ في تَرْكِ الجَماعَةِ (٣)، فكان عُذْرًا في تَرْكِ الجُمُعَةِ، كالمَرَضِ.

فصل: والعَمَى ليس بعُذْرٍ في تَرْكِ الجُمُعَةِ. وقال أبو حنيفةَ: لا تَجِبُ على الأعْمَى. ولَنا، عُمُومُ الآيَةِ والأخْبارِ. وقد قال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للأعْمَى الذى اسْتَأْذَنه في تَرْكِ الخُرُوجِ إلى الصَّلاةِ: «أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قال: نعم. قال: «أَجِبْ» (٤). واللَّه أعْلمُ.


(١) انظر ما تقدم في ٤/ ٤٦٤، وما بعدها.
(٢) تقدم تخريجه في ٤/ ٤٧٠.
(٣) بعده في م: «وقال أبو حنيفة لا تجب».
(٤) تقدم تخريجه في ٤/ ٢٦٨.