للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَهِدْتُ الخُطْبَةَ مع أبى بكرٍ، فكانت صَلاتُه وخُطْبَتُه قبلَ نِصْفِ النَّهارِ، وشَهِدْتُها مع عمرَ بنِ الخَطَّابِ، فكانت صلاتُه وخُطْبَتُه إلى أن أقُولَ: قد انْتَصَفَ النَّهارُ، ثم صَلَّيْتُها مع عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، فكانت صلاتُه وخُطْبَتُه إلى أن أقُولَ: زال النَّهارُ، فما رَأيْتُ أحَدًا عاب ذلك ولا أنْكَرَه (١). ورُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، وجابِرٍ، وسعيدٍ، ومُعاوِيةَ، أنَّهم صَلَّوْا قبلَ الزَّوالِ. وأحادِيثُهم تَدُلُّ على أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَلَها بعدَ الزَّوالِ في كثيرٍ مِن أوْقَاتِه، ولا خِلافَ في جَوازِه، وأنَّه الأوْلَى، وأحادِيثُنا تَدُلُّ على جَوازِ فِعْلِها قبلَ الزَّوالِ، فلا تَعارُضَ بينَهما. قال شيخُنا (٢): وأمّا فِعْلُها في أوَّلِ النَّهارِ، فالصَّحِيحُ أنَّه لا يَجُوزُ؛ لِما ذَكَرَه أكثرُ العُلماءِ، ولأنَّ التَّوْقِيتَ لا يَثْبُتُ إلَّا بدَلِيلٍ؛ مِن نَصٍّ، أو ما يَقُومُ مَقامَه، وما ثَبَت عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا خُلَفائه أنَّهم صَلَّوْها في أوَّلِ النَّهارِ، ولأنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيل كَوْنُ وَقْتِها وَقْتَ الظُّهْرِ، وإنَّما جاز تَقدِيمُها عليه بما ذَكَرْنا مِن الدَّلِيلِ، وهو مخْتَصٌّ بالسّاعةِ السَّادِسَةِ، فلم يَجُزْ تَقدِيمُها عليها، ولأنَّها لو صُلِّيَتْ


(١) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من كان يقيل بعد الجمعة ويقول هى أول النهار، من كتاب الجمعة. المصنف ٢/ ١٠٧، وعبد الرزاق، في: باب وقت الجمعة، من كتاب الجمعة. المصنف ٣/ ١٧٥.
(٢) في: المغنى ٣/ ٢٤١.