بمَكانِه، فليس لغيرِه أن يَسْبِقَه إليه؛ لأنَّه قام مَقامَ الجالِسِ في اسْتِحْقاقِ مَكانِه، أشْبَهَ ما لو تَحَجَّرَ مَواتًا، ثم آثَرَ به غيرَه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَجُوزُ؛ لأنَّ القائِمَ أسْقَطَ حَقَّه بالقِيامِ، فبَقِىَ علِى الأَصْلِ، فكان السَّابِقُ إليه أحَقَّ به، كمَن وَسَّعَ لرجل في طَرِيقٍ، فمَرَّ غيرُه. والصَّحِيحُ الأوَّلُ، ويُفارِقُ التَّوسِعَةَ في الطَّرِيقِ؛ لأنَّها جُعِلَتْ للمُرُورِ فيها، فمَن انْتَقَل مِن مكانٍ فيها لم يَبْقَ له حَقٌّ يُؤْثِرُ به، والمَسْجِدُ جُعِلَ للإِقامَةِ فيه، وكذلك لا يَسْقُطُ حَقُّ المُنْتَقِلِ منه إذا انْتَقَلَ لحاجَةٍ، وهذا إنَّما انْتَقَلَ مُؤْثِرًا لغيرِه، فأشْبَهَ النَّائِبَ الذى بَعَثَه (١) إنْسَانٌ ليَجْلِسَ في مَوْضِعٍ يَحْفَظُه له. ولو كان الجالِسُ مَمْلُوكًا، لم يَكُنْ لسَيِّدِه أن يُقِيمَه لعُمُومِ الخَبَرِ، ولأنَّ هذا ليس بمالٍ، وإنَّما هو حَقٌّ دِينىٌّ، فاسْتَوَى فيه العَبْدُ وسَيِّدُه، كالحُقُوقِ الدِّينِيَّةِ.