فذَكَرَ له ذلك، وأخْبَرَه بالذى قال أُبَىٌّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «صَدَقَ أُبَىٌّ». رَواه عبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ، وابنُ ماجَه (١). وما احْتَجُّوا به، فالظَّاهِرُ أنَّه مُخْتَصٌّ بمَن كَلَّمَ الإِمامَ، أو كَلَّمَه الإِمامُ؛ لأنَّه لا يَشْتَغِلُ بذلك عن سَماعِ خُطْبَتِهِ، وكذلك سَأَل النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذى دَخَل:«هَلْ صَلَّيْتَ؟». فأجابَه. وسَأل عمرُ عثمانَ، فأجابَه. فتَعَيَّنَ جَمْلُه على ذلك، جَمْعًا بينَ الأخْبارِ، ولا يَصِحُّ قِياسُ غيرِه عليه؛ لأنَّ كلامَ الإِمامِ لا يَكُونُ في حالِ خُطْبَتِه، بخِلافِ غيرِه، ولو قُدِّرَ التَّعارُضُ تَرَجَّحَتْ أحادِيثُنا؛ لأنَّها قولُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ونَصُّه، وذلك سُكُوتُه، والنَّصُّ أقْوَى.
فصل: ولا فَرْقَ بينَ القَرِيبِ والبَعِيدِ؛ لعُمُومِ ما ذَكَرْناه. وقد رُوِىَ عن عثمانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: مَن كان قَرِيبًا يَسْمَعُ ويُنْصِتُ، ومَن كان بَعِيدًا يُنْصِتُ؛ فإنَّ للمُنْصِتِ الذى لا يَسْمَعُ مِن الحَظِّ ما للسامِعِ.
(١) أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٥٣. وعبد اللَّه بن أحمد، في مسند أبيه ٥/ ١٤٣، ١٩٨.