كتاب الشرح الكبير على المقنع - ت التركي

باب صلاة الجمعة - ٦٧٢ - مسألة: (ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها. وعنه، يجوز فيها) - ج: 5 - ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال أبو داودَ: لم يَبْلُغْنِى أنَّ أحَدًا كَرِهَه إلَّا عُبادَةَ بنَ نُسَىٍّ (١)؛ لأنَّ سَهْلَ ابنَ مُعاذٍ روَى، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الْحَبْوَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ والإِمامُ يَخْطُبُ. رَواه أبو داودَ (٢). ولَنا، ما روَى يَعْلَى بنُ شَدَّادِ بنِ أوْسٍ، قال: شَهِدْتُ مع مُعَاوِيَةَ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، فجَمَّعَ بنا، فنَظَرْتُ فإذا جُلُّ مَن في المَسْجِدِ أصحابُ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرَأَيْتُهُم مُحْتَبِينَ والإِمامُ يَخْطُبُ (٣). وفَعَلَه ابنُ عمرَ، وأنَسٌ، ولا نَعْرِفُ لهما مُخالِفًا، فكان إجْماعًا، والحَدِيثُ في إسْنادِه مَقَالٌ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ: والأَوْلَى تَرْكُه لأجْلِ الحديثِ، وإن كان ضَعِيفًا، لأنَّه يَصِيرُ به مُتَهَيِّئًا للنَّوْمِ والسُّقُوطِ وإسْقاطِ الوُضُوءِ، ويُحمَلُ النَّهْىُ في الخَبَرِ على الكَراهَةِ، وأحْوالُ الصحابةِ الذين فَعَلُوه على أنَّه لم يَبْلُغْهُم الخَبَرُ.

فصل: قال الإِمامُ أحمدُ: إذا كان يَقْرَءُونَ الكِتابَ يَوْمَ الجُمُعَةِ على النَّاسِ بعدَ الصَّلاةِ، أعْجَبُ إلىَّ أن يَسْمَعَ إذا كان فَتْحًا مِن فُتُوحِ المُسْلمين، أو كان فيه شئٌ مِن أُمُورِ المسلمينَ، وإن كان شئٌ إنَّما فيه ذِكْرُهُم فلا يَسْتَمِعْ. وقال في الذين يُصَلُّونَ في الطُّرُقَاتِ: إذا لم يَكُنْ بينَهم

---

(١) أبو عمرو عبادة بن نسى الكندى الشامى، قاضى طبرية، من تابعى أهل الشام، ثقة، توفى سنة ثمانى عشرة ومائة. تهذيب التهذيب ٥/ ١١٣، ١١٤.
(٢) في: باب الاحتباء والإمام يخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود ١/ ٢٥٤. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى ٢/ ٣٠٢، ٣٠٣. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٣٩. وهو عندهم عن سهل بن معاذ، عن أبيه معاذ بن أنس.
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب الاحتباء والإمام يخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبى داود ١/ ٢٥٤ وذكر أيضًا فعل ابن عمر، وأنس، وغيرهم في الموضع نفسه.