أحدُ قَوْلَى الشافعىِّ؛ لأنَّه سُنَّةٌ، فلم يَعُدْ إليه بعدَ الشُّرُوعِ في القِراءَةِ، كالاسْتِفْتاحِ. وقالْ القاضى: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَعُودُ إليه. وهو قولُ مالكٍ، وأبى ثَوْرٍ، والقولُ الثّانِىَ للشافعىِّ؛ لأنَّه ذَكَرَه في مَحَلِّه، فيَأْتِى به، كما قبلَ الشُّرُوعِ في القِراءَةِ؛ لأنَّ مَحَلَّه القِيامُ، وقد ذَكَرَه فيه. فعلى هذا يَقْطَعُ القِراءَةَ ويُكَبِّرُ، ثم يَسْتَأْنِفُها؛ لأنَّه قَطَعَها مُتَعَمِّدًا بذِكرٍ طوِيلٍ. وإن كان المَنْسِىُّ يَسِيرًا احْتَمَلَ أن يَبْنِى، لأنَّه يَسِيرٌ، أشْبَهَ ما لو قَطَعَها بقولِ: آمِينَ. واحْتَمَلَ أن يَبْتَدِئَ؛ لأنَّ مَحَلَّ التَّكْبِيرِ قبلَ القِراءَةِ، ومَحَلَّ القِراءَةِ بعدَ التَّكْبِيرِ. فإن ذَكَر التَّكْبِيرَ بعدَ القِراءَةِ فأتَى به لم يُعِدِ القِراءَةَ؛ لأنَّها وقَعَتْ مَوْقِعَها. وإن لم يَذْكُرْه حتى رَكَع سَقَط، وجْهًا واحِدًا، لفَوات مَحَلِّه. وكذلك المَسْبُوقُ إذا أدْرَكَ الرُّكُوعَ لم يُكَبِّرْ فيه. وقال أبو حنيفةَ: يُكَبِّرُ فيه، لأنَّه بمَنْزِلَةِ القِيامِ، بدَلِيلِ إدْراكِ. الرَّكْعَةِ به. ولَنا، أنَّه ذِكْرٌ مَسْنُونٌ حالَ القِيامِ، فلم يَأْتِ به في الرُّكُوعِ، كالاسْتِفْتاحِ، وقِراءَةِ السُّورَةِ، والقُنُوتِ عندَه، وإنَّما أدْرَكَ الرَّكْعَةَ بإدْراكِه؛ لأنَّه أدْرَكَ مُعْظَمَها، ولم يَفُتْه إلَّا القِيامُ، وقد حَصَل منه ما يُجْزِئُ في تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ. وأمّا المَسْبُوقُ إذا أدْرَكَ الإمامَ بعد تَكْبِيره، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكَبِّرُ؛ لأنَّه أدْرَكَ مَحَلَّه. ويَحْتَمِلُ ألَّا يُكَبِّرَ، لأنَّه مَأْمُورٌ بالإِنْصاتِ لقِراءَةِ الإِمامِ. فعلى هذا إن كان يَسْمَعُ أنْصَتَ، وإن كان بَعِيدًا كَبَّرَ.
فصل: وإذا شَكَّ في عَدَدِ التَّكْبِيراتِ (١)، بَنَى على اليَقِينِ، فإن كَبَّرَ