فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِىَ» (١). فجَعَلَ الانْجِلاءَ غايَةً للصلاةِ. ولأنَّ الصلاةَ إنَّما سُنَّتْ رَغْبَةً إلى اللَّهِ في رَدِّها، فإذا حَصَل ذلك حَصَل مَقْصُودُ الصَّلاةِ. وإن تَجَلَّتْ وهو في الصَّلاةِ أتَمَّها خَفِيفةً؛ لأنَّ المَقْصُودَ التَّجَلِّى، وقد حَصَل. وإنِ اسْتَتَرَتِ الشَّمْسُ والقَمَرُ بالسَّحابِ، وهما مُنْكَسِفان، صَلَّى؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ الكُسُوفِ. وإن تَجَلَّى السَّحابُ عن بعقِمها فرَأوْه صافِيًا، صَلَّوْا، ولأنَّ الباقِىَ لا يُعْلَمُ حالُه. وإن غابَتِ الشَّمْسُ كاسِفَةً، أو طَلَعَتْ على القَمَرِ وهو خاسِفٌ، لم يُصَلِّ؛ لأنَّه قد ذَهَب وَقْتُ الانْتِفاعِ بنُورِهما. وإن غاب القَمَرُ لَيْلًا، فقال القاضى: يُصَلِّى؛ لأنَّه لم يَذْهَبْ وَقْتُ الانْتِفاعِ بنُورِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُصَلِّىَ؛ لأنَّ ما يُصَلِّى له قد غاب، أشْبَهَ ما لو غابَتِ الشَّمْسُ. فإن لم يُصَلِّ حتى طَلَع الفَجْرُ الثَّانِى ولم يَغِبْ، أو ابْتَدَأ الخَسْفُ بعدَ طُلُوعِ
(١) أخرجه البخارى، في: باب الدعاء في الخسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخارى ٢/ ٤٨، ٤٩. ومسلم، في: باب ما عرض على النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، وباب ذكر النداء بصلاة الكسوف «الصلاة جامعة»، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم ٢/ ٦٢٢، ٦٣٠. وأبو داود، في: باب من قال: أربع كعات، من كتاب الاستسقاء. سنن أبى داود ١/ ٦١٩. والنسائى، في: باب نوع آخر، من كتاب الكسوف. المجتبى ٣/ ١١٠، ١١١. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣١٨، ٣٤٩، ٣٧٤.