للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على سائِرِ الواجِباتِ. والصَّحيحُ أَنَّها تَسْقُطُ بالسَّهْو. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ أبي داودَ، فإنَّه قال: سألتُ أحمدَ: إذا نَسِيَ التَّسْمِيةَ في الوُضُوءِ؟ قال: أرْجُو أن لا يَكُونَ عليه شيءٌ. وهذا قولُ إسحاقَ. ووَجْهُ ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم -: «عُفِيَ لأمَّتِي عَنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ» (١). ولأنّ الوُضُوءَ عِبادَةٌ تَتَغايُر أفْعَالُها، فكانَ في واجِباتِها ما يَسْقُطُ بالسَّهْو كالصلاةِ، ولا يَصِحُّ قِياسُها على سائِرِ واجِباتِ الطَّهارَةِ، لتَأَكُّدِ وُجُوبِها، بخلافِ التَّسْمِيَةِ. فعلى هذا إذا ذَكَرَها في أثْناءِ طَهارَتِه، سَمَّى حيثُ ذَكَرَ، لأنَّه إذا عُفِىَ عنها مع السَّهْو في جُمْلَةِ الوُضُوءِ، ففي البَعْضِ أَوْلَى. وإن تَرَكَها عَمْدًا حتَّى غَسَل عُضْوًا لم يُعْتَدَّ بغَسْلِه، لأنَّه لم يَذْكُرِ اسمَ اللهِ عليه. وقال الشيخُ أَبو الفَرَجِ: إذا سَمَّى في أثناءِ الوُضُوءِ أجْزَأَه. يَعني على كُلِّ حالٍ، لأنّه قد ذَكَرَ اسمَ اللهِ على وُضُوئِه. والتَّسْمِيَةُ قولُ «بِسْمِ اللهِ»، لا يَقُومُ غيرُها مَقامَها، كالتَّسْمِيَةِ المَشْرُوعَةِ على الذَّبِيحَةِ، وعندَ الأَكْلِ والشُّرْب، ومَوْضِعُها بعدَ النِّيَّةِ، لتَكُونَ شامِلَةً لجميعِ أفعالِ الوُضُوءِ، ولتكونَ. النِّيَّةُ شامِلَةً لها، كما يُسَمِّي على الذَّبِيحَةِ قبلَ ذَبْحِها.


(١) أخرجه ابن ماجة، في: باب طلاق المكره والناسي»، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجة ١/ ٦٥٩. وقد بين الزيلعي طرقه، ومن أخرجه، بتفصيل واف، في: نصب الراية ٢/ ٦٤ - ٦٦.