إسحاقُ: يُصَلِّى عليه الغائِبُ إلى شَهْرٍ، والحَاضِرُ إلى ثَلاثٍ. ولَنا، ما روَى سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، أَنَّ أُمَّ سعدٍ ماتَتْ والنبىُّ - صلى الله عليه وسلم - غائِبٌ، فلمَّا قَدِم صَلَّى عليها، وقد مَضَى لذلك شَهْرٌ (١). قال أحمدُ: أَكْثَرُ ما سَمِعْتُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى على أُمِّ سعدِ بنِ عُبادَةَ بعدَ شَهْرٍ. ولأنَّها مُدَّةٌ يَغْلِبُ على الظَنِّ بَقاءُ المَيِّتِ فيها، أشْبَهَتِ الثَّلاثَةَ، أو كالغائِبِ. وتَجْوِيزُ الصلاةِ عليه مُطلَقًا باطِلٌ، بأنَّ قَبْرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لا يُصَلَّى عليه الآن إجْماعًا، وكذلك التَّحْدِيدُ ببِلَى المَيِّتِ؛ لكَوْنِه عليه السَّلامُ لا يَبْلَى. فإن قِيلَ: فالخَبَرُ دَلَّ على الصلاةِ بعدَ شَهْرٍ، فكيف مَنَعْتُموه؛ قُلْنا: تَحْدِيدُه بالشَّهْرِ يَدُلُّ على أنَّ صَلاتَه، عليه الصلاةُ والسَّلامُ، كانت عندَ رَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِيَكُونَ مُقَارِبًا للحَدِّ. وتَجُوزُ الصلاةُ بعدَ الشَّهْرِ قَرِيبًا منه؛ لدَلالَةِ الخَبَرِ عليه، ولا يَجُوزُ بعدَ ذلك؛ لعَدَمِ وُرُودِه فيه.
(١) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة على القبر، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذى ٤/ ٢٥٨.