رَأى ما بهم قال:«إنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ»(١). احْتَجَّ به أحمدُ.
واخْتَصَّ الامْتِناعُ بالإِمامِ، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا امْتَنَعَ مِن الصلاةِ على الغالِّ، قال:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». ورُوِىَ أنَّه أمَرَ بالصلاةِ على قاتِلِ نَفْسِه، وكان - صلى الله عليه وسلم - هو الإمامَ، فأُلحِقَ به مَن ساواه في ذلك، ولا يَلْزَمُ مِن تَرْكِ صلاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ صلاةِ غيرِه؛ فإنَّه كان في بَدْءِ الإِسْلامِ لا يُصَلِّى على مَن عليه دَيْنٌ لاوَفاءَ له، ويَأْمُرُهم بالصلاةِ عليه. فإن قِيلَ: هذا خاصٌّ بالنبىِّ - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ صَلَاتَه سَكَنٌ. قُلْنا: ما ثَبَت في حَقِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثَبَت في حَقِّ غيرِه، ما لم يَقُمْ على اْختِصاصِه به دَلِيلٌ. فإن قِيلَ: فقد تَرَك النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ على مَن عليه دَيْنٌ. قُلْنا: ثم صَلَّى عليه بعدُ، فرَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤْتَى بالرجلِ المُتَوَفَّى عليه الدَّيْنُ، فيَقُولُ:«هَلْ تَرَكَ لِدَينِهِ مِنْ وَفَاءٍ؟». فإن حُدِّثَ أنَّه تَرَك وَفاءً صَلَّى عليه، وإلَّا قال للمُسْلِمِين:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فلمَّا فَتَح الله الفُتوحَ قام، فقالَ: «أنَا أوْلَى بِالْمُومِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّىَ مِنَ الْمُومِنِينَ، وَتَرَكَ دَيْنًا
(١) أخرجه أبوداود، في: باب في تعظيم الغلول، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٦٢. والنسائي، في: باب الصلاة على من غل، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٥٢. وابن ماجة، في: باب الغلول، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجة ٢/ ٩٥٠. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ١١٤.