للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تامٍّ، فهو كالعَبْدِ، ولا نَعْلَمُ أحَداً قال بوُجُوبِ الزكاةِ على المُكاتَبِ إلَّا أبا ثَوْرٍ، ذَكَرَه عنه ابنُ المُنْذِرِ. واحْتَجَّ أبو ثَوْرٍ بأنَّ الحَجْرَ مِن السَّيِّدِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزكاةِ، كالحَجْرِ على الصَّبِىِّ والمَجْنُونِ والمَرْهُونِ.

وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّه أوْجَبَ العُشْرَ في الخارِجِ مِن أرْضِه، بِناءً على أصْلِه في أنَّ العُشْرَ مُؤْنَةُ الأرْضِ، وليس بزَكاةٍ. ولَنا، ما رُوِىَ أَنَّ النبىَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا زَكَاةَ فِى مَالِ الْمُكَاتَبِ» (١). رَواه الفُقَهاءُ في كُتُبِهم.

ولأنَّ الزكاةَ تَجِبُ علىْ طَرِيقِ المُواساةِ، فلم تَجِبْ في مالِ المُكاتَبِ، كنَفَقَةِ الأقارِبِ، وفارَقَ المَحْجُورَ عليه، فإنَّه مُنِعَ التَّصَرُّفَ لنَقْصِ تَصَرُّفِه لا لنَقْصِ مِلْكِه، والمَرْهُونُ مُنِعَ مِن التَّصَرُّفِ فيه بعَقْدِه، فلم يَسْقُطْ حَقُّ اللهِ تعالى. ومتى كان مَنْعُ. التَّصَرُّفِ فيه لدَيْنٍ لا يُمْكِنُه وَفاؤُه مِن غيرِه، فلا زكاةَ عليه، وسَيأْتِى ذلك إن شاء اللهُ تعالى. فإن عَجَز المُكاتَبُ ورُدَّ في الرِّقِّ، صار ما في يَدِه لسَيِّدِه، فاسْتَقْبَلَ به حَوْلاً، إن كان نِصاباً، وإلَّا ضَمَّه إلى ما في يَدِه، كالمُسْتَفادِ. وإن أدَّى المُكاتَبُ ما عليه، وبَقِىَ في يَدِه نِصابٌ، فقد صار حُرّاً تامَّ المِلْكِ، فيَسْتأنِفُ الحَوْلَ مِن حينِ عِتْقِه ويُزَكِّى، كسائِرِ الأحْرارِ.


= المسند ٢/ ١٧٨، ١٨٤، ٢٠٦، ٢٠٩.
(١) أخرجه البيهقى، في: باب من قال زكاة ماله على مالكه وإن العبد لا يملك، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٠٩. والدارقطنى، في: باب ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٠٨.