سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:«لَا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»(١). رَواه ابنُ عُمَرَ أيضًا، وأخْرَجَه التِّرْمذِىُّ. وهو لَفْظٌ عامٌّ. فأمّا ما يُكالُ ويُدَّخَرُ مِن الزُّرُوعِ والثِّمارِ والمَعْدِنِ، فلا يُعْتَبَرُ لهما حَوْلٌ. والفَرْقُ بينَ ما اعْتُبِرَ له الحَوْلُ وما لا يُعْتَبَرُ، أنَّ ما اعْتُبِرَ له الحَوْلُ مُرْصَدٌ للنَّماءِ، فالماشِيَةُ مُرْصَدَةٌ للدَّرِّ والنَّسْلِ، وعُرُوضُ التِّجارَةِ مُرْصَدَةٌ للرِّبْحِ، وكذا الأثْمانُ، فاعْتُبرَ له الحَوْلُ، لكَوْنِه مَظِنَّةَ النَّماء، ليَكُونَ إخْراجُ الزكاةِ مِن الرِّبْحِ، فإنَّه أسْهَلُ وأيْسَرُ، ولأنَّ الزكاةَ إنَّما وَجَبَتْ مُواساةً، ولم تُعْتَبَرْ حَقِيقَةُ النَّماءِ لكَثْرَةِ اخْتِلافِه، وعَدَمِ ضَبْطِه، ولأنَّ ما اعْتُبِرَتْ مَظِنَّتُه لم يُلْتَفَتْ إلى حَقِيقَتِه، كالحُكْمِ مع الأسْببابِ، ولأنَّ الزكاةَ تَتَكَرَّرُ في هذه الأمْوالِ، فلا بُدَّ لها مِن ضابِطٍ، كَيْلا يُفْضِىَ إلى تَعاقُبِ الوُجُوبِ في الزَّمَنِ الواحِدِ، فيَنْفَدَ مالُ المالِكِ. أمّا الزُّرُوعُ والثِّمارُ، فهى نَماءٌ في نَفْسِها، تَتَكامَلُ عندَ إخْراجِ الزكاةِ منها، فتُؤْخَذُ الزكاةُ منها
(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٢٧. وسيأتى تخريج حديث ابن عمر في صفحة ٣٥٧.