للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولهذا لم تُذْكَرِ السُّنَنُ فيها، ولأنّه متى اقْتَضَى اللَّفْظُ التَّرتِيبَ، كان مَأمُورًا به. ولأنَّ كلَّ من حَكَى وُضُوءَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَكاه مُرَتَّبًا، وهو مُفَسِّرٌ لِما في كتابِ الله تِعالى، وتَوَضَّأَ مُرَتِّبًا، وقال: «هذا وُضُوءٌ، لا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلاةَ إلَّا بِهِ» (١). أي: بمِثْلِه. وقولُهم: إنَّ الواو لا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ. مَمْنُوعٌ، فقد اقْتَضَتِ التَّرْتِيبَ في قولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (٢). وما رُوِيَ عن عليٍّ، قال أحمدُ: إنَّما عَنَى به اليُسْرَى قبلَ اليُمْنَى؛ لأنَّ مَخْرَجَهُما في الكتابِ واحِدٌ. ورَوَى الإِمامُ أحمدُ بإسْنادِه، أنَّ عليًّا سُئِلَ، فقِيل له: أحدُنا يَسْتعجِلُ، فيَغْسِلُ شيئًا قبلَ شيءٍ؟ فقال: لا. حَتى يكونَ كما أمَرَ اللهُ تعالى. وروايَتُه (٣) عن ابن مسعودٍ لا نَعْرِفُ لها أصلًا، فأمَّا تَرْتِيبُ اليُمْنَى على اليُسْرَى، فلا يَجِبُ بِالإِجماع. حكناه ابنُ الْمُنْذِرِ، لأنَّ اللهَ تعالى ذَكرَ مَخْرَجَهُما (٤) واحدًا، فقال: {وَأيدِيَكُمْ}، {وَأرْجُلَكُمْ}، وكذلك التَّرْتِيبُ بينَ المَضْمَضَةِ، والاسْتِنْشاقِ، والفُقهَاءُ يَعُدُّون اليَدَينِ عُضْوًا، والرِّجْلَينِ عُضوًا، ولا يجبُ التَّرْتِيبُ بينَ العُضْو الواحِدِ. واللهُ أعلمُ.


(١) أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، من كتاب الطهارة، عن ابن عمر، قال: توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة، فقال: «هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به». . . . إلخ. سنن ابن ماجه ١/ ١٤٥. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٩٨.
(٢) سورة الحج: ٧٧.
(٣) في م: «وروايتهم».
(٤) في م: «مخرجة».