كما لو اسْتَوَيا في الوُجُودِ، والحَدِيثُ مَحْمُولٌ على حالِ وُجُودِه؛ لأنَّ ذلك للرِّفْقِ به، إغْناءً له عن الشِّراءِ، ومِع عَدَمِه لا يَسْتَغْنِى عن الشِّراءِ. على أنَّ في بَعْضِ ألْفاظِ الحَدِيثِ:«فمَنْ لَمْ يكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فإنَّه يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ». فشَرَطَ في قَبُولِه وُجُودَه وعَدَمَها، وهذا في حديثِ أبى بكرٍ، وفي بعضِ الألْفاظِ أيضًا:«وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ابْنُ لَبُونٍ». وهذا تَقْيِيدٌ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ المُطْلَقِ عليه. وإن لم يَجِدْ إلَّا ابنةَ مَخاضٍ مَعِيبَةً، فله الانْتِقالُ إلى ابنِ لَبُونٍ؛ لقوْلِه في الخَبَرِ:«فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا». ولأنَّ وُجُودَها كعَدَمِها، لكَوْنِها لا يَجُوزُ إخْراجُها، فأشْبَهَ الذى لا يَجِدُ إلَّا ماءً لا يَجُوزُ الوُضُوءُ به في انْتِقالِه إلى البَدَلِ، وإن وَجَد ابْنَةَ مَخاضٍ أعْلى مِن صِفَةِ الواجِبِ، لم يُجْزِئْه ابنُ لَبُونٍ؛ لوُجُودِ بِنْتِ مَخاضٍ على وَجْهِها، ويُخَيَّرُ بينَ إخْراجِها وبينَ شِراءِ بِنْتِ مَخاضٍ على صِفَةِ الواجِبِ. وقال أبو بكرٍ: يَجِبُ عليه إخْراجُها بِناءً على قَوْلِه: إنَّه يُخْرِجُ عن المِراضِ صَحِيحَةً. حكاهُ عنه ابنُ عَقِيلٍ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ الزكاةَ وَجَبَتْ علي وَجْهِ المُساواةِ، وكانتْ مِن جِنْس المُخْرَجِ عنه، كَزَكاةِ الحُبُوبِ.