فصل: فإن أراد إخْراجَ الفَرْضِ مِن نَوْعَيْنِ، نَظَرْنا؛ فإن لم نَحْتَجْ إلى تَشْقِيصٍ، كَزَكاةِ الثَّلاثِمائَةٍ يُخرِجُ عنها حِقَّتَيْن وخَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ، جاز. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ. وإنِ احْتاجَ إلى تَشْقِيصٍ، كزَكاةِ المائَتَيْن، لم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ مِن غيرِ تَشْقِيصٍ. وقِيلَ: يَحْتَمِلُ أن يَجُوزَ، على قِياسِ قولِ أصحابِنا في جَوازِ عِتْقِ نِصْفِ عَبْدَيْن في الكَفّارَةِ. وهذا غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بالتَّشْقِيصِ في زَكاةِ السّائِمَةِ إلَّا مِن حاجَةٍ، ولذلك جَعَل لها أوْقاصًا، دفْعًا للتَّشْقِيصِ عن الواجِبِ فيها، وعَدَل فيما دُونَ خَمْسٍ وعِشْرِين مِن الِإبِلِ عنِ الجِنْسِ إلى الغَنَمِ، فلا يَجُوزُ القَوْلُ بِجَوازِه مع إمْكانِ العُدُولِ عنه إلى فَرِيضَةٍ كامِلَةٍ. وإن وَجَد أحَدَ الفَرْضَيْن كامِلًا، والآخَرَ ناقِصًا لا يُمْكِنُه إخْراجُه، إلَّا بجُبْرانٍ معه، مِثْلَ أن يَجِدَ في المائَتَيْن خَمْسَ بَناتِ لَبُونٍ وثَلاثَ حِقاقٍ، تَعَيَّنَ أخْذُ الفَرِيضَةِ الكامِلَةِ؛ لأنَّ الجُبْرانَ بَدَلٌ لا يَجُوزُ مع المُبْدَلِ. وإن كان كلُّ واحِدٍ يَحْتاجُ إلى جُبْرانٍ، مثلَ أن يَجِدَ أرْبَعَ بَناتِ لَبُونٍ وثَلاثَ حِقاقٍ، فهو مُخَيَّرٌ