فصل: والواجِبُ فيها في كلِّ ثلاثِين تَبِيعٌ أو تَبِيعَةٌ، وهو الذى له سَنَةٌ ودَخَل في الثّانِيَةِ، وقِيلَ له ذلك لأنَّه يَتبَعُ أُمَّه. وفى كلِّ أرْبَعِين مُسِنَّةٌ، وهى التى لها سَنَتان، وهى الثَّنِيَّةُ. ولا فرْضَ في البَقَرِ غَيْرُهما. وفى السِّتِّين تَبِيعانِ كما ذَكَر في أوَّلِ المَسْألَةِ. وهذا قولُ جُمْهُورِ العلماءِ؛ منهم الشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والحسنُ، ومالكٌ، واللَّيْثُ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ، في رِوايَةٍ عنه: فيما زاد على الأرْبَعِين بحِسابِه، في كلِّ بَقَرَةٍ رُبعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، فِرارًا مِن جَعْل الوَقْصِ تِسْعَةَ عَشَرَ، فإنَّه مُخَالِفٌ لجَمِيعِ أوْقاصِها، فإنَّها عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ. ولَنا، حَدِيثُ مُعاذٍ المذْكُورُ، وهو صَرِيحٌ في مَحَلِّ النِّزاعِ، ولأنَّ البَقَرَ أحَدُ بَهِيمَةِ الأنْعامِ، فلم يَجِبْ في زَكاتِها كَسْرٌ، كسائِرِ الأنْواعِ، ولا يَنْتَقِلُ مِن فَرْضِها فيها بغيرِ وَقْصٍ، كسائِرِ الفُرُوضِ، وكما بينَ الثَّلاثِين والأرْبَعِين، ومُخالَفَةُ قَوْلِهم للأُصُولِ أشَدُّ مِنْ الوُجُوهِ التى ذَكَرْناها، وعلى أنَّ أوْقاصَ الإِبِلِ والغَنَمِ مُخْتَلِفَةٌ، فجاز الاخْتِلاف ههُنا. فإن رَضِىَ رَبُّ المالِ بإعْطاءِ المُسِنَّةِ عن التَّبِيعِ، والتَّبِيعَيْن عن المُسِنَّةِ، أو أكبَرَ منها سِنًّا عنها، جاز. واللهُ أعلمُ.