للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وكذلك إذا كان النِّصابُ كلُّه مِراضًا، فالصَّحِيحُ مِن المَذْهَبِ جَوازُ إخْراجِ الفَرْضِ منه، ويَكُونُ وَسَطًا في القِيمَةِ، ولا اعْتِبارَ بقِلَّةِ العَيْبِ وكَثْرَتِه؛ لأنَّ القِيمَةَ تَأْتِى على ذلك. وهو قولُ الشافعىِّ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ. وقال مالكٌ: إن كانت كلُّها جَرْباءَ أخْرَجَ جَرْباءَ، وإن كانت هَتْماءَ كُلِّفَ شِراءَ صَحِيحَةٍ. وقال أبو بكرٍ: لا يُجْزِئُ إلَّا صَحِيحَةٌ، لأنَّ أحمدَ قال: لا يُؤْخَذُ إلَّا ما يَجُوزُ في الأضاحِى، وللنَّهْىِ عن أخْذِ ذاتِ العَوارِ، فعلى هذا يُكَلَّفُ شِراءَ صَحِيحَةٍ بقَدْرِ قِيمَةِ المَرِيضَةِ. ولَنا، قولُ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ» (١). وقال: «إنَّ اللهَ لَمْ يَسأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ». رَواه أبو داودَ (٢). ولأنَّ مَبْنَى الزكاةِ على المُواسَاةِ، وتَكْلِيفُ الصَّحِيحَةِ عن المِراضِ إخْلالٌ بالمُواساةِ، ولهذا يَأْخُذُ مِن الرَّدِئِ مِن الحَيَوانِ والثِّمارِ مِن جِنْسِه، ومِن اللِّئامِ والهُزالِ مِن المَواشِى مِن جنْسِه، كذا هذا. وأمّا الحَدِيثُ فيُحْمَلُ على ما إذا كان فيه صَحِيحٌ، فإنَّ الغَالِبَ الصِّحَّةُ. وإن كان في النِّصابِ بعضُ الفَريضَةِ صَحِيحًا، أخْرَجَ الصَّحِيحَةَ، وتَمَّمَ الفَرِيضَةَ مِن المِراضِ على قَدْرِ المالِ، ولا فَرْقَ في هذا بينَ الإِبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ. والحُكْمُ في الهَرِمَةِ والمَعِيبَةِ كالحُكْمِ في المَرِيضَةِ سَواءٌ؛ لأنَّها في مَعْناها. واللهُ أعلمُ.


(١) تقدم تخريجه في ٢/ ٩٩، وفى صفحة ٢٩١. من حديث معاذ.
(٢) في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود ١/ ٣٦٥.