فتَقْتَضِي الآيةُ حُصُولَ الإِجْزاءِ بما تَضَمَّنَتْه. ولأنَّها طهارةٌ بالماءِ، فلم تَفْتَقِرْ إلى النِّيَّةِ كغَسْلِ النَّجاسَةِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وإِنَّمَا لكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». مُتَّفَق عليه (١). فنَفَى أن يكونَ له عَمَلٌ شَرْعِيٌّ بدونِ النَّيِّةِ. ولأنَّها طهارةٌ مِن الحَدَثِ، فلم تَصِحَّ بغيرِ نِيَّةٍ كالتَّيَمُّمِ، فأمّا الآيةُ فهي حُجَّةٌ لَنَا؛ فإن قولَه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}. أي: للصلاةِ، كما يُقالُ: إذا لَقِيت الأمِيرَ فتَرَجَّلْ. أي له. وقولُهم: لو كانتِ النِّيَّةُ شَرْطًا لَذكَرَها. قُلنا: إنَّما ذَكَر الأرْكانَ، ولم يَذْكُرِ الشَّرائِطَ كآيةِ التَّيَمُّمِ. وقولُهم: مُقْتَضَى الأمْرِ حُصُولُ الإِجْزاء به. قُلْنا: بلْ مُقْتَضاه وُجوبُ الفِعْلِ، ولا يَمْنَعُ أنَّ يُشْتَرَطَ له شرطٌ آخَرُ كآية التَّيَمُّمِ. وقَوْلُهم: إنَّها طهارةٌ. قُلنا: إلَّا أنَّها عِبادَةٌ،
(١) أخرجه البخاري، في: باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي: باب الخطأ والنسيان، من كتاب العتق، وفي: باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة، من كتاب مناقب الأنصار، وفي: باب من هاجر أو عمل خير التزويج امرأة فله ما نوى، من كتاب النكاح، وفي: باب الطلاق في الإغلاق إلخ (الترجمة)، من كتاب الطلاق، وفي: باب النية في الأيمان، من كتاب الأيمان، وفي، كتاب الإكراه (الترجمة)؛ وفي: باب في ترك الحيل. صحيح البخاري ١/ ٢، ٣/ ١٩١، ٥/ ٧٢، ٧/ ٤، ٥٨/ ١٧٥، ٩/ ٢٥، ٢٩. ومسلم. في: باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الأعمال بالنية، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٣/ ١٥١٥، ١٥١٦. كما أخرجه أبو داود، في: باب فيما عنى به الطلاق والنيات، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥١٠. والنسائي، في: باب النية في الوضوء، من كتاب الطهارة، وفي: باب الكلام إذا قصد به فيما يحتمل معناه، من كتاب الطلاق، وفي: باب النية في اليمين، من كتاب الأيمان، المجتبى ١/ ٥١، ٦/ ١٢٩، ١٧/ ١٢، ١٣. وابن ماجه، في: باب النية، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٤١٣. والترمذي، في: باب ما جاء في من يقاتل رياء وللدنيا، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذي ٧/ ١٥١، ١٥٢. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٥، ٤٣.