للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُسْلِمٍ» (١). ولأنَّهما حَقّان سَبَباهُما مُتنافِيان، فلم يَجْتَمِعا، كزكاةِ السَّوْمِ والتِّجارَةِ، وكالعُشْرِ وزكاةِ القِيمَةِ. وبَيانُ تنافِيهما أنَّ الخَراجَ وَجَبَ عُقُوبَةً؛ لأنَّه جِزْيَةٌ للأرْضِ، والزكاةُ وَجَبَتْ طَهُورًا وشُكْرًا. ولَنا، قولُه تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (٢). وقولُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» (٣). وغيرُه مِن عُمُوماتِ الأخْبارِ. قال ابنُ المُبارَكِ: يقولُ اللَّهُ تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}. ثم قال: نَتْرُكُ القُرآنَ لقولِ أبى حنيفةَ! ولأنَّهما حَقّانِ يَجِبانِ لمُسْتَحِقِّين يَجُوزُ وُجُوبُ كلِّ واحِدٍ منهما على المسلمِ فجاز اجْتِماعُهما، كالكَفّارَةِ والقِيمَةِ في الصَّيْدِ الحَرَمِىِّ المَمْلُوكِ، وحَدِيثُهم يَرْوِيه يحيى بنُ عَنْبَسَةَ، وهو ضَعِيفٌ، عن أبى حنيفةَ، ثم نَحْمِلُه على الخَراجِ الذى هوْ جِزْيَةٌ. وقولُهم: إنَّ سَبَبَيْهِما (٤) مُتنَافِيان. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الخَراجَ أُجْرَةُ الأرْضِ، والعُشْرَ زَكاةُ الزَّرْعِ، ولا يَتَنافَيان، كما لو اسْتَأْجَرَ أرْضًا فزَرَعَها. وقولُهم: الخَراجُ عُقُوبَةٌ. قلْنا: لو كان عُقُوبَةً لَما وَجَب على مسلمٍ، كالجِزْيَةِ. وإن كانَتِ الأرْضُ لكافِرٍ فليس عليه فيها سِوَى الخَراجِ. قال أحمدُ: ليس في أرْضِ أهلِ الذِّمَّةِ صَدَقَةٌ، إنَّما قال اللَّهُ


(١) أخرجه ابن عدى في الكامل ٧/ ٢٧١٠. وابن الجوزى، في: الموضوعات ٢/ ١٥١.
(٢) سورة البقرة ٢٦٧.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٣٧٢.
(٤) في م: «سببها».